وَأَمَّا اسْتِكْتَابُهُ مَرْوَانَ، فَمَرْوَانُ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي ذَلِكَ ذَنْبٌ، لِأَنَّهُ كَانَ صَغِيرًا لَمْ يَجْرِ عَلَيْهِ الْقَلَمُ، وَمَاتَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَرْوَانُ لَمْ يَبْلُغِ [الْحُلُمَ] (?) بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ، بَلْ غَايَتُهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ عَشْرُ سِنِينَ أَوْ قَرِيبٌ مِنْهَا، وَكَانَ مُسْلِمًا بَاطِنًا وَظَاهِرًا، يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَتَفَقَّهُ فِي الدِّينِ، وَلَمْ يَكُنْ قَبْلَ الْفِتْنَةِ مَعْرُوفًا بِشَيْءٍ يُعَابُ بِهِ (?) ، فَلَا ذَنْبَ لِعُثْمَانَ فِي اسْتِكْتَابِهِ.

وَأَمَّا الْفِتْنَةُ فَأَصَابَتْ مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْ مَرْوَانَ، وَلَمْ يَكُنْ مَرْوَانُ مِمَّنْ يُحَادُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ.

وَأَمَّا أَبُوهُ الْحَكَمُ فَهُوَ مِنَ الطُّلَقَاءِ، وَالطُّلَقَاءُ حَسُنَ إِسْلَامُ أَكْثَرِهِمْ، وَبَعْضُهُمْ فِيهِ نَظَرٌ. وَمُجَرَّدُ ذَنْبٍ يُعَزَّرُ عَلَيْهِ لَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ مُنَافِقًا فِي الْبَاطِنِ.

وَالْمُنَافِقُونَ تَجْرِي عَلَيْهِمْ فِي الظَّاهِرِ أَحْكَامُ الْإِسْلَامِ، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنَ الطُّلَقَاءِ بَعْدَ الْفَتْحِ يُظْهِرُ الْمُحَادَّةَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، بَلْ يَرِثُ وَيُورَثُ، وَيُصَلَّى عَلَيْهِ، وَيُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، وَتَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْإِسْلَامِ الَّتِي تَجْرِي عَلَى غَيْرِهِ.

وَقَدْ عُرِفَ نِفَاقُ جَمَاعَةٍ مِنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيِّ [ابْنِ سَلُولٍ] (?) وَأَمْثَالِهِ، وَمَعَ هَذَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ يَتَعَصَّبُونَ لَهُمْ أَحْيَانًا، كَمَا تَعَصَّبَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ لِابْنِ أُبَيٍّ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015