وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ لَيْسَ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ عِنْدَ النَّاسِ، وَلَمْ يُدْرِكْ مِنْ حَيَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَّا أَشْهُرًا قَلِيلَةً: مِنْ ذِي الْقِعْدَةِ إِلَى أَوَّلِ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، فَإِنَّهُ وُلِدَ بِالشَّجَرَةِ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ. وَمَرْوَانُ مِنْ أَقْرَانِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَهُوَ قَدْ أَدْرَكَ حَيَاةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيُمْكِنُ أَنَّهُ رَآهُ عَامَ فَتْحِ مَكَّةَ، أَوْ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ. [وَالَّذِينَ] (?) قَالُوا: لَمْ يَرَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالُوا: إِنَّ أَبَاهُ كَانَ بِالطَّائِفِ، فَمَاتَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبُوهُ بِالطَّائِفِ، وَهُوَ مَعَ أَبِيهِ. وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَفَى أَبَاهُ إِلَى الطَّائِفِ، وَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يُنْكِرُ ذَلِكَ، وَيَقُولُ: إِنَّهُ ذَهَبَ بِاخْتِيَارِهِ، وَإِنَّ نَفْيَهُ لَيْسَ لَهُ إِسْنَادٌ.
وَهَذَا إِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ، فَقَدْ كَانَ أَبُوهُ بِمَكَّةَ مَعَ سَائِرِ الطُّلَقَاءِ، وَكَانَ هُوَ قَدْ قَارَبَ سِنَّ التَّمْيِيزِ.
وَأَيْضًا فَقَدْ يَكُونُ أَبُوهُ حَجَّ مَعَ النَّاسِ، فَرَآهُ فِي حِجَّةِ الْوَدَاعِ، وَلَعَلَّهُ قَدِمَ إِلَى الْمَدِينَةِ. فَلَا يُمْكِنُ الْجَزْمُ بِنَفْيِ رُؤْيَتِهِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَأَمَّا أَقْرَانُهُ، كَالْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، فَهَؤُلَاءِ كَانُوا بِالْمَدِينَةِ. وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُمْ سَمِعُوا مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: " وَلَّى (?) مُعَاوِيَةَ الشَّامَ، فَأَحْدَثَ مِنَ الْفِتَنِ مَا أَحْدَثَهُ ".
فَالْجَوَابُ: أَنَّ مُعَاوِيَةَ إِنَّمَا وَلَّاهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. لَمَّا مَاتَ أَخُوهُ يَزِيدُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَلَّاهُ عُمَرُ مَكَانَ أَخِيهِ. وَاسْتَمَرَّ فِي وِلَايَةِ