أُمٍّ وَأُخْتٍ وَجَدٍّ، وَالْأَقْوَالُ فِيهَا سِتَّةٌ، فَعُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ إِنْ كَانَ صَحِيحًا: أَنَّهُ قَضَى فِي مِائَةِ حَادِثَةٍ مِنْ حَوَادِثِ الْجَدِّ، وَهَذَا مَعَ أَنَّهُ مُمْكِنٌ، لَكِنْ لَمْ يَخْرُجْ قَوْلُهُ عَنْ قَوْلَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ، وَقَوْلُ عَلِيٍّ مُخْتَلِفٌ أَيْضًا.
وَأَهْلُ الْفَرَائِضِ يَعْلَمُونَ هَذَا وَهَذَا، مَعَ (?) أَنَّ الْأَشْبَهَ أَنَّ هَذَا كَذِبٌ، فَإِنَّ وُجُودَ جَدٍّ وَإِخْوَةٍ فِي الْفَرِيضَةِ قَلِيلٌ جِدًّا فِي النَّاسِ، وَعُمَرُ إِنَّمَا تَوَلَّى عَشْرَ سِنِينَ، وَكَانَ قَدْ أَمْسَكَ عَنِ الْكَلَامِ فِي الْجَدِّ.
وَثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ قَالَ: " ثَلَاثٌ وَدِدْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ بَيَّنَهُنَّ لَنَا: الْجَدُّ، وَالْكَلَالَةُ، وَأَبْوَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الرِّبَا " (?) . وَمَنْ كَانَ مُتَوَقِّفًا لَمْ يَحْكُمْ فِيهَا بِشَيْءٍ.
وَمِمَّا يُبَيِّنْ هَذَا أَنَّ النَّاسَ إِنَّمَا نَقَلُوا عَنْ عُمَرَ فِي فَرِيضَةٍ وَاحِدَةٍ قَضَاءَيْنِ. قَضَى (?) فِي الْمُشْرِكَةِ، فَرُوِيَ عَنْهُ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ فِي كُتُبِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ قَضَى فِيهَا مَرَّةً بِعَدَمِ التَّشْرِيكِ، وَهَذَا قَوْلُ عَلِيٍّ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ.
وَقَضَى فِي نَظِيرِهَا فِي الْعَامِ الثَّانِي بِالتَّشْرِيكِ، وَقَالَ: ذَلِكَ عَلَى مَا قَضَيْنَا، وَهَذَا عَلَى مَا نَقْضِي، وَهَذَا قَوْلُ زَيْدٍ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ؛ فَإِنَّهُمَا وَغَيْرِهِمَا مُقَلِّدَانِ لِزَيْدٍ فِي الْفَرَائِضِ، وَهِيَ رِوَايَةُ حَرْبٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ.
وَهَذَا مِمَّا اسْتَدَلَّ بِهِ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الِاجْتِهَادَ لَا يُنْقُضُ بِالِاجْتِهَادِ.