عِلَّةُ حَاجَتِهَا (?) أَوْ دَلِيلُهَا أَوْ شَرْطُهَا الْحُدُوثَ أَوِ الْإِمْكَانَ أَوْ مَجْمُوعَهُمَا، بَلْ هَذَا الْمَعْنَى هُوَ ثَابِتٌ لَهُ حَالَ وُجُودِهِ أَظْهَرُ مِنْ ثُبُوتِهِ لَهُ حَالَ عَدَمِهِ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا يُحْتَاجُ إِلَى ذَلِكَ حَالَ وُجُودِهِ لَا حَالَ عَدَمِهِ.

وَحِينَئِذٍ فَإِذَا قُلْنَا: احْتَاجَ إِلَى الْمُؤْثِرِ لِحُدُوثِهِ بَعْدَ الْعَدَمِ، وَهَذَا الْوَصْفُ ثَابِتٌ لَهُ حَالَ وُجُودِهِ، كُنَّا قَدْ أَثْبَتْنَا عِلَّةَ حَاجَتِهِ وَقْتَ وُجُودِهِ، وَالْعِلَّةُ حَاصِلَةٌ.

وَإِذَا قُلْنَا: الْعِلَّةُ هِيَ الْإِمْكَانُ، وَادَّعَيْنَا انْتِفَاءَهَا عِنْدَ وُجُودِهِ كُنَّا قَدْ عَلَّلْنَا حَاجَتَهُ إِلَى الْمُؤَثِّرِ بَعْدَ (?) وَقْتَ وُجُودِهِ بِعِلَّةٍ مُنْتَفِيَةٍ وَقْتَ وُجُودِهِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ لَا لَهُمْ، وَهَذَا بَيِّنٌ لِمَنْ تَدَبَّرَهُ.

وَهَذَا وَغَيْرُهُ مِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ الْقَوْمَ لَمَّا غَيَّرُوا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ عَلَيْهَا عِبَادَهُ (?) ، فَخَرَجُوا عَنْ صَرِيحِ الْمَعْقُولِ وَصَحِيحِ الْمَنْقُولِ، وَدَخَلُوا فِي هَذَا الْإِلْحَادِ الَّذِي هُوَ مِنْ أَعْظَمِ جَوَامِعِ الْكُفْرِ وَالْعِنَادِ صَارَ فِي أَقْوَالِهِمْ مِنَ التَّنَاقُضِ وَالْفَسَادِ مَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا رَبُّ الْعِبَادِ مَعَ دَعْوَاهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْبَرَاهِينِ الْعَقْلِيَّةِ وَالْمَعَارِفِ الْحِكَمِيَّةِ، وَأَنَّ الْعُلُومَ الْحَقِيقِيَّةَ فِيمَا يَقُولُونَهُ لَا فِيمَا جَاءَتْ بِهِ رُسُلُ اللَّهِ الَّذِينَ هُمْ أَفْضَلُ الْخَلِيقَةِ وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَقِيقَةِ.

وَهَؤُلَاءِ الْمَلَاحِدَةُ يُخَالِفُونَ الْمَعْقُولَاتِ وَالْمَسْمُوعَاتِ بِمِثْلِ هَذِهِ الضَّلَالَاتِ، إِذْ مِنَ الْبَيِّنِ أَنَّ الْمُحْتَاجَ إِلَى الْخَالِقِ الَّذِي خَلَقَهُ هُوَ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ فِي حَالِ وُجُودِهِ وَكَوْنِهِ مَخْلُوقًا، أَمَّا إِذَا قُدِّرَ أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى الْعَدَمِ، فَفِي تِلْكَ الْحَالِ لَا يَحْتَاجُ عَدَمُهُ إِلَى خَالِقٍ لِوُجُودِهِ بَلْ وَلَا فَاعِلٍ لِعَدَمِهِ، وَهُمْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015