عَادِلًا بَلْ كَانَ ظَالِمًا، وَمِنَ الْمَعْلُومِ لِلْخَاصِّ وَالْعَامِّ أَنَّ عَدْلَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَلَأَ الْآفَاقَ، وَصَارَ يُضْرَبُ بِهِ الْمَثَلُ، كَمَا قِيلَ: سِيرَةُ الْعُمَرَيْنِ، وَأَحَدُهُمَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَالْآخَرُ قِيلَ: إِنَّهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَغَيْرِهِ [مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْحَدِيثِ] (?) . وَقِيلَ: هُوَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ وَطَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ (?) وَالنَّحْوِ.
وَيَكْفِي الْإِنْسَانَ أَنَّ الْخَوَارِجَ، الَّذِينَ هُمْ أَشَدُّ النَّاسِ تَعَنُّتًا (?) ، رَاضُونَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فِي سِيرَتِهِمَا، وَكَذَلِكَ الشِّيعَةُ الْأُولَى أَصْحَابُ عَلِيٍّ كَانُوا يُقَدِّمُونَ عَلَيْهِ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَرَوَى ابْنُ بَطَّةَ مَا ذَكَرَهُ الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ: حَدَّثَنِي كَثِيرُ بْنُ مَرْوَانَ الْفِلَسْطِينِيُّ (?) ، عَنْ أَنَسِ بْنِ سُفْيَانَ، عَنْ غَالِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعُقَيْلِيِّ، قَالَ: لَمَّا طُعِنَ عُمَرُ دَخَلَ عَلَيْهِ رِجَالٌ، مِنْهُمُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَعُمَرُ يَجُودُ بِنَفْسِهِ وَهُوَ يَبْكِي، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا يُبْكِيكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَمَا وَاللَّهِ مَا أَبْكِي جَزَعًا عَلَى الدُّنْيَا، وَلَا شَوْقًا إِلَيْهَا، وَلَكِنْ أَخَافُ هَوْلَ الْمَطْلَعِ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَلَا تَبْكِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَوَاللَّهِ لَقَدْ أَسْلَمْتَ فَكَانَ إِسْلَامُكَ فَتْحًا، وَلَقَدْ