وَذَلِكَ أَنَّ عُمَرَ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَرَضٌ فِي فَدَكٍ؛ [لَمْ] (?) يَأْخُذْهَا لِنَفْسِهِ وَلَا لِأَحَدٍ مِنْ أَقَارِبِهِ وَأَصْدِقَائِهِ، وَلَا كَانَ لَهُ غَرَضٌ فِي حِرْمَانِ [أَهْلِ] (?) . بَيْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَلْ كَانَ يُقَدِّمُهُمْ فِي الْعَطَاءِ عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ، وَيُفَضِّلُهُمْ فِي الْعَطَاءِ عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ، حَتَّى أَنَّهُ «لَمَّا وَضَعَ الدِّيوَانَ لِلْعَطَاءِ، وَكَتَبَ أَسْمَاءَ النَّاسِ، قَالُوا: نَبْدَأُ بِكَ؟ قَالَ: لَا ابْدَأُوا بِأَقَارِبِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَضَعُوا عُمَرَ حَيْثُ وَضَعَهُ اللَّهُ، فَبَدَأَ بِبَنِي هَاشِمٍ، وَضَمَّ إِلَيْهِمْ بَنِي الْمُطَّلِبِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " إِنَّمَا بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ، إِنَّهُمْ لَمْ يُفَارِقُونَا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلَا إِسْلَامٍ " (?) فَقَدَّمَ الْعَبَّاسَ وَعَلِيًّا وَالْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ، وَفَرَضَ لَهُمْ أَكْثَرُ مِمَّا فَرَضَ لِنُظَرَائِهِمْ مِنْ سَائِرِ الْقَبَائِلِ، وَفَضَّلَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ عَلَى ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ فِي الْعَطَاءِ، فَغَضِبَ ابْنُهُ وَقَالَ: تُفَضِّلُ عَلَيَّ أُسَامَةَ؟ قَالَ: فَإِنَّهُ كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ مِنْكَ، وَكَانَ أَبُوهُ أَحَبَّ إِلَى [رَسُولِ اللَّهِ] مِنْ أَبِيكَ» (?) .
وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ تَقْدِيمِهِ بَنِي هَاشِمٍ وَتَفْضِيلِهِ لَهُمْ أَمْرٌ مَشْهُورٌ عِنْدَ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ بِالسِّيَرِ، لَمْ يَخْتَلِفْ فِيهِ اثْنَانِ، فَمَنْ تَكُونُ هَذِهِ مُرَاعَاتُهُ لِأَقَارِبِ الرَّسُولِ وَعِتْرَتِهِ، أَيَظْلِمُ أَقْرَبَ النَّاسِ إِلَيْهِ، وَسَيِّدَةَ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَهِيَ مُصَابَةٌ [بِهِ] (?) فِي يَسِيرٍ مِنَ الْمَالِ، وَهُوَ يُعْطِي أَوْلَادَهَا أَضْعَافَ