تَأَخُّرٍ أَصْلًا لَا مَعَ الِاتِّصَالِ، وَلَا مَعَ الِانْفِصَالِ، كَمَا يَدَّعُونَهُ فِي فِعْلِ رَبِّ الْعَالَمِينَ خَالِقِ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكِهِ مِنْ أَنَّ السَّمَاوَاتِ لَمْ تَزَلْ مَعَهُ مُقَارِنَةً لَهُ فِي الزَّمَانِ، زَمَانُ وُجُودِهَا هُوَ زَمَانُ وُجُودِهِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ مِنَ الزَّمَانِ أَلْبَتَّةَ.
وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ مِنْ كَوْنِ الْعِلْمِ عِلَّةً لِلْعَالِمِيَّةِ، فَهَذَا أَوَّلًا قَوْلُ مُثْبِتِيِ الْأَحْوَالِ كَالْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ، وَالْقَاضِي أَبِي يَعْلَى (?) ، وَقَبْلَهُمَا أَبُو هَاشِمٍ، وَجُمْهُورُ النُّظَّارِ يَقُولُونَ: إِنَّ الْعِلْمَ هُوَ الْعَالِمِيَّةُ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ، وَعَلَى قَوْلِ أُولَئِكَ فَلَا يَقُولُونَ إِنَّ الْعِلْمَ هُنَا عِلَّةٌ فَاعِلَةٌ لَا بِإِرَادَةٍ، وَلَا بِذَاتٍ، وَلَا بِغَيْرِ ذَلِكَ، بَلِ الْمَعْلُولُ عِنْدَهُمْ لَا يُوصَفُ بِالْوُجُودِ فَقَطْ، وَمَعْنَى الْعِلَّةِ عِنْدَهُمُ الِاسْتِلْزَامُ، وَهَذَا لَا نِزَاعَ فِيهِ.
قَالَ الرَّازِيُّ:
(الْبُرْهَانُ التَّاسِعُ: هُوَ أَنَّ الشَّيْءَ حَالَ اعْتِبَارِ وَجُودِهِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَوْجُودٌ وَاجِبُ الْوُجُودِ لِامْتِنَاعِ عَدَمِهِ مَعَ وُجُودِهِ (?) ، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي حَالِ عَدَمِهِ وَاجِبُ الْعَدَمِ لِامْتِنَاعِ كَوْنِهِ مَوْجُودًا مَعْدُومًا (?) ، وَالْحُدُوثُ عِبَارَةٌ عَنْ تُرَتُّبِ هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ، فَإِذَا كَانَتِ الْمَاهِيَّةُ. (?) [فِي كِلْتَا الْحَالَتَيْنِ] (?)