أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، الَّذِينَ تَعَلَّمُوا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْعِلْمَ وَالدِّينَ، فَكَانَتْ رَعِيَّةُ أَبِي بَكْرٍ أَعْلَمَ الْأُمَّةِ وَأَدْيَنَهَا، وَأَمَّا الَّذِينَ كَانَ عَلِيٌّ يُخَاطِبُهُمْ فَهُمْ مِنْ جُمْلَةِ عَوَامِّ النَّاسِ التَّابِعِينَ، وَكَانَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ مِنْ شِرَارِ التَّابِعِينَ، وَلِهَذَا كَانَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَذُمُّهُمْ وَيَدْعُو عَلَيْهِمْ، وَكَانَ التَّابِعُونَ بِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَالشَّامِ وَالْبَصْرَةِ خَيْرًا مِنْهُمْ.
وَقَدْ جَمَعَ النَّاسُ الْأَقْضِيَةَ وَالْفَتَاوَى الْمَنْقُولَةَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، فَوَجَدُوا أَصْوَبَهَا وَأَدَلَّهَا عَلَى عِلْمِ صَاحِبِهَا أُمُورَ أَبِي بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرَ.
وَلِهَذَا كَانَ مَا يُوجَدُ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي وُجِدَ نَصٌّ يُخَالِفُهَا عَنْ عُمَرَ أَقَلَّ مِمَّا وُجِدَ عَنْ عَلِيٍّ، وَأَمَّا أَبُو بَكْرٍ فَلَا يَكَادُ يُوجَدُ نَصٌّ يُخَالِفُهُ، وَكَانَ هُوَ الَّذِي يَفْصِلُ الْأُمُورَ الْمُشْتَبِهَةَ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يَكُنْ يُعْرَفُ مِنْهُمُ اخْتِلَافٌ عَلَى عَهْدِهِ. وَعَامَّةُ مَا تَنَازَعُوا فِيهِ مِنَ الْأَحْكَامِ كَانَ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ.
وَالْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ عَنْ عَلِيٍّ كَذِبٌ ظَاهِرٌ لَا تَجُوزُ نِسْبَةُ مِثْلِهِ إِلَى عَلِيٍّ ; فَإِنَّ [عَلِيًّا] (?) . أَعْلَمُ بِاللَّهِ وَبِدِينِ اللَّهِ مِنْ أَنْ يَحْكُمَ بِالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ، إِذْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ مُتَّفِقِينَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَ أَحَدٍ إِلَّا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ (* وَإِذَا تَحَاكَمَ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى إِلَى الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَجُزْ لَهُمْ أَنْ يَحْكُمُوا [بَيْنَهُمْ] (?) . إِلَّا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ *) (?) كَمَا قَالَ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ}