وَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا مِنْ أَبْيَنِ الْكَذِبِ ; فَإِنَّهُ مِنَ الْمَعْلُومِ الْمُتَوَاتِرِ عِنْدَ أَهْلِ التَّفْسِيرِ وَالْمَغَازِي وَالسِّيَرِ وَالْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَغَيْرِهِمْ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَعْمَلَ أَبَا بَكْرٍ عَلَى الْحَجِّ عَامَ تِسْعٍ، وَهُوَ أَوَّلُ حَجٍّ كَانَ فِي الْإِسْلَامِ مِنْ مَدِينَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَمْ يَكُنْ قَبْلَهُ حَجٌّ فِي الْإِسْلَامِ، إِلَّا الْحَجَّةَ الَّتِي أَقَامَهَا عَتَّابُ بْنُ أَسِيدِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ مِنْ مَكَّةَ، فَإِنَّ مَكَّةَ فُتِحَتَ سَنَةَ ثَمَانِ، أَقَامَ الْحَجَّ ذَلِكَ الْعَامَ عَتَّابُ بْنُ أُسَيْدٍ، الَّذِي اسْتَعْمَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ، ثُمَّ أَمَّرَ أَبَا بَكْرٍ سَنَةَ تِسْعٍ لِلْحَجِّ، بَعْدَ رُجُوعِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَفِيهَا أَمَرَ أَبَا بَكْرٍ بِالْمُنَادَاةِ فِي الْمَوْسِمِ: «أَنْ لَا يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَلَا يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانُ» ، وَلَمْ يُؤَمِّرِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَيْرَ أَبِي بَكْرٍ عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الْوِلَايَةِ، فَوَلَايَةُ أَبِي بَكْرٍ كَانَتْ مِنْ خَصَائِصِهِ ; فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُؤَمِّرْ عَلَى الْحَجِّ أَحَدًا كَتَأْمِيرِ أَبِي بَكْرٍ، وَلَمْ يَسْتَخْلِفْ عَلَى الصَّلَاةِ أَحَدًا كَاسْتِخْلَافِ أَبِي بَكْرٍ، وَكَانَ عَلِيٌّ مِنْ رَعِيَّتِهِ فِي هَذِهِ الْحِجَّةِ، فَإِنَّهُ لَحِقَهُ فَقَالَ: أَمِيرٌ أَوْ (?) مَأْمُورٌ؟ فَقَالَ عَلِيٌّ: بَلْ مَأْمُورٌ، وَكَانَ عَلِيٌّ يُصَلِّي خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ مَعَ سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ فِي هَذِهِ الْوِلَايَةِ، وَيَأْتَمِرُ لِأَمْرِهِ كَمَا يَأْتَمِرُ لَهُ سَائِرُ مَنْ مَعَهُ، وَنَادَى عَلِيٌّ مَعَ النَّاسِ (?) فِي هَذِهِ الْحِجَّةِ بِأَمْرِ أَبِي بَكْرٍ.

وَأَمَّا وَلَايَةُ غَيْرِ أَبِي بَكْرٍ فَكَانَتْ مِمَّا يُشَارِكُهُ فِيهَا غَيْرُهُ، كَوَلَايَةِ عَلِيٍّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015