مُجَرَّدٍ خَالٍ عَنِ الْجَامِعِ، فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ يَدَّعِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي فِعْلِ الرَّبِّ تَعَالَى أَنْ يَكُونَ بَعْدَ عَدَمٍ، كَمَا أَنَّ صِفَاتِهِ لَازِمَةٌ لِذَاتِهِ بِلَا سَبْقِ عَدَمٍ، وَصَاغَ ذَلِكَ بِقِيَاسِ شُمُولٍ بِقَوْلِهِ: (إِنَّ التَّأْثِيرَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ سَبْقُ الْعَدَمِ) .

فَيُقَالُ لَهُ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ بَيْنَهُمَا قَدْرًا مُشْتَرِكًا. كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرْتَهُ مِنَ اللَّفْظِ، بَلْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ بَيْنَهُمَا قَدْرًا مُشْتَرِكًا يَخُصُّهُمَا، بَلِ الْقَدَرُ الْمُشْتَرَكُ الَّذِي بَيْنَهُمَا يَتَنَاوَلُ كُلَّ لَازِمٍ لِكُلِّ مَلْزُومٍ، فَيَلْزَمُهُ أَنْ يُجْعَلَ كُلُّ لَازِمٍ مَفْعُولًا لِمَلْزُومِهِ، وَإِنْ سَلَّمْنَا أَنَّ بَيْنَهُمَا قَدْرًا مُشْتَرِكًا، فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ مَنَاطُ الْحُكْمِ فِي الْأَصْلِ حَتَّى يُلْحَقَ بِهِ الْفَرْعُ.

وَإِنِ ادَّعَى ذَلِكَ دَعْوًى كُلِّيَّةً، وَصَاغَهُ بِقِيَاسِ (?) شُمُولٍ قِيلَ لَهُ: الدَّعْوَى الْكُلِّيَّةُ لَا تَثْبُتُ بِالْمِثَالِ الْجُزْئِيِّ، فَهَبْ أَنَّ مَا ذَكَرْتَهُ فِي الْأَصْلِ أَحَدُ أَفْرَادِ هَذِهِ الْقَضِيَّةِ الْكُلِّيَّةِ، فَلِمَ قُلْتَ: إِنَّ سَائِرَ أَفْرَادِهَا كَذَلِكَ؟ غَايَتُكَ أَنْ تَرْجِعَ إِلَى قِيَاسِ التَّمْثِيلِ، وَلَا حُجَّةَ مَعَكَ عَلَى صِحَّتِهِ هُنَا، ثُمَّ بَعْدَ هَذَا نَذْكُرُ نَحْنُ الْفُرُوقَ الْكَثِيرَةَ الْمُؤَثِّرَةَ، وَهَذَا الْوَجْهُ يَتَضَمَّنُ الْجَوَابَ مِنْ وُجُوهٍ مُتَعَدِّدَةٍ.

[الْبُرْهَانُ الثَّامِنُ والرد عليه]

قَالَ الرَّازِيُّ:

(الْبُرْهَانُ الثَّامِنُ: لَوَازِمُ الْمَاهِيَّةِ مَعْلُولَةٌ لَهَا، وَهِيَ غَيْرُ مُتَأَخِّرَةٍ عَنْهَا زَمَانًا، فَإِنَّ كَوْنَ الْمُثَلَّثِ مُسَاوِيِ الزَّوَايَا لِقَائِمَتَيْنِ لَيْسَ إِلَّا لِأَنَّهُ مُثَلَّثٌ، وَهَذَا الِاقْتِضَاءُ (?) مِنْ لَوَازِمِ الْمُثَلَّثِ (?) ، بَلْ نَزِيدُ فَنَقُولُ: إِنَّ الْأَسْبَابَ مُقَارِنَةٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015