وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ يُحِبُّونَ آلِهَتَهُمْ مَحَبَّةً قَوِيَّةً، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 93] ، وَهَذَا وَإِنْ كَانَ يُقَالُ: [إِنَّهُ] (?) لِمَا يَظُنُّونَهُ فِيهِمْ مِنْ أَنَّهَا تَنْفَعُهُمْ، فَلَا رَيْبَ أَنَّ الشَّيْءَ يُحَبُّ لِهَذَا وَلِهَذَا، وَلَكِنْ إِذَا ظُنَّ فِيهِ أَنَّهُ مُتَّصِفٌ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ كَانَتْ مَحَبَّتُهُ (?) أَشَدَّ، مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ نَفْعِهِ.

وَالْحَدِيثُ الَّذِي يُرْوَى: " «أَحِبُّوا اللَّهَ لِمَا يَغْذُوكُمْ بِهِ مِنْ نِعَمِهِ، وَأَحِبُّونِي بِحُبِّ اللَّهِ، وَأَحِبُّوا أَهْلَ بَيْتِي بِحُبِّي» " إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ (?) ; فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ يُحَبَّ لِذَاتِهِ، وَإِنْ كَانَتْ مَحَبَّتُهُ وَاجِبَةً لِإِحْسَانِهِ.

وَقَوْلُ الْقَائِلِ: الْمَحَبَّةُ لِلْإِحْسَانِ مَحَبَّةُ الْعَامَّةِ، وَتِلْكَ مَحَبَّةُ الْخَاصَّةِ - لَيْسَ بِشَيْءٍ، بَلْ كُلُّ مُؤْمِنٍ فَإِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ لِذَاتِهِ، وَلَوْ أَنْكَرَ ذَلِكَ بِلِسَانِهِ. وَمَنْ لَمْ يَكُنِ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا. وَمَنْ قَالَ: إِنِّي لَا أَجِدُ (?) هَذِهِ الْمَحَبَّةَ فِي قَلْبِي لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، فَأَحَدُ الْأَمْرَيْنِ لَازِمٌ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ صَادِقًا فِي هَذَا الْخَبَرِ، فَلَا يَكُونُ مُؤْمِنًا، فَإِنَّ أَبَا جَهْلٍ وَأَبَا لَهَبٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015