وَلَكِنْ هُوَ - سُبْحَانَهُ - يُنَزِّلُ (?) عَلَى أَنْبِيَائِهِ مِنْ عِلْمِهِ وَكَلَامِهِ مَا أَنْزَلَهُ (?) ، كَمَا أَنْزَلَ الْقُرْآنَ (?) ، وَهُوَ كَلَامُهُ، عَلَى خَاتَمِ الرُّسُلِ.

وَقَدْ قَالَ - سُبْحَانَهُ -: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: 18] ، فَهُوَ سُبْحَانَهُ يَشْهَدُ لِنَفْسِهِ بِالْوَحْدَانِيَّةِ، وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ، وَأُولُو الْعِلْمِ مِنْ عِبَادِهِ يَشْهَدُونَ، وَالشَّهَادَاتُ مُتَطَابِقَةٌ مُتَوَافِقَةٌ.

وَقَدْ يُقَالُ: هَذِهِ الشَّهَادَةُ هِيَ هَذِهِ، بِمَعْنَى أَنَّهَا نَوْعُهَا، وَلَيْسَ نَفْسُ صِفَةِ الْمَخْلُوقِ هِيَ نَفْسُ صِفَةِ الْخَالِقِ، وَلَكِنَّ كَلَامَ اللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَى رَسُولِهِ هُوَ الْقُرْآنُ الَّذِي يَقْرَؤُهُ الْمُسْلِمُونَ، وَهُوَ كَلَامُهُ - سُبْحَانَهُ - مَسْمُوعًا مِنَ الْمُبَلِّغِينَ لَهُ، لَيْسَ تِلَاوَةُ الْعِبَادِ لَهُ وَسَمَاعُ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ، بِمَنْزِلَةِ سَمْعِ مُوسَى لَهُ مِنَ اللَّهِ بِلَا وَاسِطَةٍ، فَإِنَّ مُوسَى سَمِعَ نَفْسَ كَلَامِ الرَّبِّ، كَمَا يَسْمَعُ كَلَامَ الْمُتَكَلِّمِ مِنْهُ، كَمَا يَسْمَعُ الصَّحَابَةُ كَلَامَ الرَّسُولِ مِنْهُ، وَأَمَّا سَائِرُ النَّاسِ فَسَمِعُوهُ مُبَلِّغًا عَنِ اللَّهِ، كَمَا يَسْمَعُ (?) التَّابِعُونَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ كَلَامَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُبَلَّغًا عَنْهُ.

وَلِهَذَا قَالَ لِرَسُولِهِ: {بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [سُورَةُ الْمَائِدَةِ: 67] ، وَقَالَ: {لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ} [سُورَةُ الْجِنِّ: 28] .

وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «بَلِّغُوا عَنِّي [وَلَوْ آيَةً] » " (?) . وَقَالَ:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015