قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الْمَشْهُورِ: " «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، فَإِذَا قَالُوهَا فَقَدْ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ» " (?) . وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَيْضًا: " «مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ» " (?) . وَقَالَ: " «مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ» " (?) .
وَالْقُرْآنُ كُلُّهُ مَمْلُوءٌ مِنْ تَحْقِيقِ هَذَا التَّوْحِيدِ وَالدَّعْوَةِ إِلَيْهِ، وَتَعْلِيقِ النَّجَاةِ وَالْفَلَاحِ، وَاقْتِضَاءِ السَّعَادَةِ فِي الْآخِرَةِ بِهِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ النَّاسَ مُتَفَاضِلُونَ فِي تَحْقِيقِهِ، وَحَقِيقَتُهُ إِخْلَاصُ الدِّينِ كُلِّهِ لِلَّهِ. وَالْفَنَاءُ فِي هَذَا التَّوْحِيدِ مَقْرُونٌ بِالْبَقَاءِ (?) ، وَهُوَ أَنْ تُثْبِتَ إِلَهِيَّةَ الْحَقِّ فِي قَلْبِكَ، وَتَنْفِيَ إِلَهِيَّةَ مَا سِوَاهُ، فَتَجْمَعَ بَيْنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ، فَتَقُولَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَالنَّفْيُ هُوَ الْفَنَاءُ، وَالْإِثْبَاتُ هُوَ الْبَقَاءُ. وَحَقِيقَتُهُ أَنْ تَفْنَى بِعِبَادَتِهِ عَمَّا سِوَاهُ، [وَمَحَبَّتِهِ عَنْ مَحَبَّةِ مَا سِوَاهُ] (?) ، وَبِخَشْيَتِهِ عَنْ خَشْيَةِ مَا سِوَاهُ، وَبِطَاعَتِهِ عَنْ طَاعَةِ مَا سِوَاهُ، وَبِمُوَالَاتِهِ عَنْ مُوَالَاةِ مَا سِوَاهُ، وَبِسُؤَالِهِ عَنْ سُؤَالِ مَا سِوَاهُ، وَبِالِاسْتِعَاذَةِ بِهِ عَنْ الِاسْتِعَاذَةِ (?) بِمَا سِوَاهُ، وَبِالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ عَنِ التَّوَكُّلِ عَلَى