مِنْهُمْ - أَوْ أَكْثَرُهُمْ - يَكْرَهُونَ مُتَابَعَةَ الرَّسُولِ، وَهُمْ مِنْ أَبْعَدِ النَّاسِ عَنِ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، بَلْ يُعَاوِنُونَ (?) أَعْدَاءَهُ، وَيَدَّعُونَ مَحَبَّتَهُ ; لِأَنَّ مَحَبَّتَهُمْ مِنْ جِنْسِ مَحَبَّةِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ (?) قَالَ اللَّهُ فِيهِمْ: {وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً} [سُورَةُ الْأَنْفَالِ: 35] .
وَلِهَذَا يُحِبُّونَ سَمَاعَ الْقَصَائِدِ أَعْظَمَ مِمَّا يُحِبُّونَ سَمَاعَ الْقُرْآنِ، وَيَجْتَهِدُونَ (?) فِي دُعَاءِ مَشَايِخِهِمْ، وَالِاسْتِغَاثَةِ بِهِمْ عِنْدَ قُبُورِهِمْ، وَفِي حَيَاتِهِمْ فِي مَغِيبِهِمْ، أَعْظَمَ مِمَّا يَجْتَهِدُونَ فِي دُعَاءِ اللَّهِ، وَالِاسْتِغَاثَةِ بِهِ فِي الْمَسَاجِدِ [وَالْبُيُوتِ] (?) .
وَهَذَا كُلُّهُ مِنْ فِعْلِ أَهْلِ الشِّرْكِ لَيْسَ مَنْ فِعْلِ الْمُخْلِصِينَ لِلَّهِ دِينَهُمْ، كَالصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ [لَهُمْ بِإِحْسَانٍ] (?) ، فَأُولَئِكَ أَنْكَرُوا مَحَبَّتَهُ، وَهَؤُلَاءِ دَخَلُوا فِي مَحَبَّةِ الْمُشْرِكِينَ، وَالطَّائِفَتَانِ خَارِجَتَانِ عَنِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.
فَنَفْسُ مَحَبَّتِهِ أَصْلٌ لِعِبَادَتِهِ، وَالشِّرْكُ فِي مَحَبَّتِهِ أَصْلُ الْإِشْرَاكِ فِي عِبَادَتِهِ، وَأُولَئِكَ فِيهِمْ شَبَهٌ مِنَ الْيَهُودِ (?) ، وَعِنْدَهُمْ كِبْرٌ مِنْ جِنْسِ كِبْرِ الْيَهُودِ. وَهَؤُلَاءِ فِيهِمْ شَبَهٌ مِنَ النَّصَارَى، وَفِيهِمْ شِرْكٌ مِنْ جِنْسِ شِرْكِ النَّصَارَى.
وَالنَّصَارَى ضَالُّونَ لَهُمْ عِبَادَةٌ وَرَحْمَةٌ وَرَهْبَانِيَّةٌ لَكِنْ بِلَا عِلْمٍ، وَلِهَذَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ بِلَا عِلْمٍ، قَالَ تَعَالَى [: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ}