حَائِطٍ] (?) ، ثُمَّ عَابَهُمْ بِالْجُبْنِ فَقَالَ: {يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} أَيْ: لَا يَسْمَعُونَ صَوْتًا إِلَّا ظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ أُتُوا، لِمَا فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الرُّعْبِ أَنْ يَكْشِفَ اللَّهُ أَسْرَارَهُمْ.
فَصَاحِبُ الصُّورَةِ الْجَمِيلَةِ إِذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْأَعْمَالِ الَّتِي يُبْغِضُهَا اللَّهُ، كَانَ اللَّهُ يُبْغِضُهُ وَلَا يُحِبُّهُ لِجَمَالِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُورَتِهِ، وَإِنَّمَا يَنْظُرُ إِلَى قَلْبِهِ وَعَمَلِهِ.
وَيُوسُفُ الصِّدِّيقُ، وَإِنْ كَانَ أَجْمَلَ مِنْ غَيْرِهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، وَفِي الصَّحِيحِ: " «أَنَّهُ أُعْطِيَ شَطْرَ الْحُسْنِ» " (?) ، فَلَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ أَفْضَلَ مِنْ غَيْرِهِ، بَلْ غَيْرُهُ أَفْضَلُ مِنْهُ، كَإِبْرَاهِيمَ، وَإِسْمَاعِيلَ، وَإِسْحَاقَ، وَيَعْقُوبَ، وَمُوسَى، وَعِيسَى، وَمُحَمَّدٍ، - صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ - وَيُوسُفُ، وَإِنْ كَانَتْ صُورَتُهُ أَجْمَلَ، فَإِنَّ إِيمَانَ هَؤُلَاءِ وَأَعْمَالَهُمْ كَانَتْ أَفْضَلَ مِنْ إِيمَانِهِ وَعَمَلِهِ، وَهَؤُلَاءِ أُوذُوا عَلَى نَفْسِ الْإِيمَانِ وَالدَّعْوَةِ إِلَى اللَّهِ، فَكَانَ الَّذِينَ عَادُوهُمْ مُعَادِينَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، وَكَانَ صَبْرُهُمْ صَبْرًا عَلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ وَعِبَادَتِهِ