[سُورَةُ الزُّمَرِ: 7] : أَخْبَرَ أَنَّهُ لَا يَرْضَاهُ بِتَقْدِيرِ وُقُوعِهِ، وَلَا يُقَالُ: إِنَّهُ يَرْضَى كُلَّ مَوْجُودٍ.
وَقَوْلُكُمْ: لَا يَرْضَاهُ دِينًا، فَالرِّضَا فِي كِتَابِ اللَّهِ مُتَعَلِّقٌ بِنَفْسِ الْفِعْلِ، [لَا بِشَيْءٍ] (?) مَحْذُوفٍ، وَكَوْنُهُ لَا يَرْضَاهُ دِينًا عِنْدَكُمْ، مَعْنَاهُ: لَا يُرِيدُ أَنْ يُثِيبَ صَاحِبَهُ عَلَيْهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ إِبْلِيسَ وَالشَّيَاطِينَ لَا يَرْضَوْنَهُ دِينًا بِهَذَا الِاعْتِبَارِ، مَعَ أَنَّ إِبْلِيسَ يَرْضَى الْكُفْرَ وَيَخْتَارُهُ، فَإِنَّهُ قَدْ يُحِبُّ مَا يُبْغِضُهُ اللَّهُ وَيُبْغِضُ مَا يُحِبُّهُ [اللَّهُ] (?) لِيُغْوِيَ النَّاسَ بِذَلِكَ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: {أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا} [سُورَةُ الْكَهْفِ: 50] وَقَالَ تَعَالَى: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَابَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ - وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ} [سُورَةُ يس: 60 - 61] . قَالُوا: وَالْأُمَّةُ مُتَّفِقَةٌ عَلَى أَنَّ اللَّهَ - سُبْحَانَهُ - يُحِبُّ الْإِيمَانَ وَالْعَمَلَ الصَّالِحَ، وَيُحِبُّ الْمُتَّقِينَ وَالْمُحْسِنِينَ، وَيُحِبُّ التَّوَّابِينَ، وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ، وَيُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ، وَلَا يُحِبُّ الْمَعَاصِيَ وَلَا يَرْضَاهَا.
وَاحْتِجَاجُنَا بِهَذَا الْإِجْمَاعِ أَقْوَى مِنِ احْتِجَاجِكُمْ بِقَوْلِهِمْ (?) : " مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ " فَإِنَّهُمْ كُلُّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ الصَّلَاةَ وَالصَّدَقَةَ وَالْأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ يَرْضَاهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَيُحِبُّهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَيَقُولُونَ عَنِ الْفَوَاحِشِ وَالظُّلْمِ: هَذَا لَا يَرْضَاهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَلَا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ.