يَتَخَيَّلُونَ مَا لَا حَقِيقَةَ لَهُ. وَهَذَا كُلُّهُ (?) مَبْسُوطٌ فِي مَوْضِعِهِ، وَإِنَّمَا الْغَرَضُ هُنَا التَّمْثِيلُ بِأَقْوَالِ الْمُخْتَلِفِينَ (?) الَّتِي كُلُّهَا بَاطِلَةٌ.

وَمِثَالُ ذَلِكَ: إِذَا تَنَازَعَ فِي الْقَدَرِ الْقَدَرِيَّةُ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَالْقَدَرِيَّةُ الْمُجْبِرَةُ (?) مِنَ الْجَهْمِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ، فَقَالُوا جَمِيعًا: إِرَادَةُ اللَّهِ هِيَ مَحَبَّتُهُ وَهِيَ رِضَاهُ (?) . ثُمَّ قَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ: وَهُوَ سُبْحَانَهُ يُحِبُّ الْإِيمَانَ وَالْعَمَلَ الصَّالِحَ، وَيَكْرَهُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ، فَلَا يَكُونُ مُرِيدًا لَهُ.

قَالُوا: وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} [سُورَةُ الزُّمَرِ: 7] وَقَوْلُهُ: {إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ} [سُورَةُ النِّسَاءِ: 10] ، وَقَوْلُهُ: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 205] .

وَالْفُقَهَاءُ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ أَفْعَالَ الْبِرِّ تَنْقَسِمُ إِلَى وَاجِبٍ وَمُسْتَحَبٍّ، وَالْمُسْتَحَبُّ هُوَ مَا أَحَبَّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ (?) كُلُّهُ مَكْرُوهٌ، كَرِهَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ. وَالْكَرَاهَةُ نَوْعَانِ: كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ، وَكَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ.

وَقَدْ قَالَ - تَعَالَى - لَمَّا ذَكَرَ الْمُحَرَّمَاتِ: {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا} [سُورَةُ الْإِسْرَاءِ: 38] . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: " «إِنَّ اللَّهَ يَكْرَهُ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015