تَعْلَمُوا أَهْلَ الْجَنَّةِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ " قَالُوا: بِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " بِالثَّنَاءِ الْحَسَنِ وَالثَّنَاءِ السَّيِّئِ» " (?) فَأَخْبَرَ أَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُعْلَمُ بِهِ أَهْلُ الْجَنَّةِ وَأَهْلُ النَّارِ. وَكَانَ أَبُو ثَوْرٍ يَقُولُ: " أَشْهَدُ أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ فِي الْجَنَّةِ " وَيَحْتَجُّ بِهَذَا. وَبَسْطُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَهُ مَوْضِعٌ آخَرُ.

وَالْإِيمَانُ عِنْدَهُمْ يَتَفَاضَلُ، فَيَكُونُ إِيمَانٌ أَكْمَلَ مِنْ إِيمَانٍ. كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا» " (?) فَيَقُولُونَ: قَوْلُهُ: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [سُورَةُ الْمَائِدَةِ: 27] أَيْ مِمَّنِ اتَّقَاهُ فِي ذَلِكَ الْعَمَلِ، لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْخُلُوَّ مِنَ الذُّنُوبِ، وَلَا مُجَرَّدَ الْخُلُوِّ مِنَ الشِّرْكِ، بَلْ مَنِ اتَّقَاهُ فِي عَمَلٍ قَبِلَهُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَتْ لَهُ ذُنُوبٌ أُخْرَى، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [سُورَةُ هُودٍ: 114] فَلَوْ كَانَتِ الْحَسَنَةُ لَا تُقْبَلُ مِنْ صَاحِبِ السَّيِّئَةِ لَمْ تَمْحُهَا.

وَقَدْ ثَبَتَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ (?) الْمُوَازَنَةُ بَيْنَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ، فَلَوْ كَانَتِ الْكَبِيرَةُ تُحْبِطُ الْحَسَنَاتِ لَمْ تَبْقَ حَسَنَةٌ تُوزَنُ مَعَهَا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015