وَصَفَهُمْ بِمُجَرَّدِ كَرَاهَةِ مَا نَزَّلَ اللَّهُ، وَالْكَرَاهَةُ (?) عَمَلُ الْقَلْبِ. وَعِنْدَ الْجَهْمِيَّةِ الْإِيمَانُ مُجَرَّدُ تَصْدِيقِ الْقَلْبِ (?) وَعِلْمُهُ (?) ، هَذَا قَوْلُ جَهْمٍ وَالصَّالِحِيِّ وَالْأَشْعَرِيِّ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ.
وَعِنْدَ فُقَهَاءِ الْمُرْجِئَةِ: هُوَ قَوْلُ اللِّسَانِ مَعَ تَصْدِيقِ الْقَلْبِ. وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ أَعْمَالُ الْقُلُوبِ لَيْسَتْ مِنَ الْإِيمَانِ عِنْدَهُمْ كَأَعْمَالِ الْجَوَارِحِ، فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ مُصَدِّقًا بِلِسَانِهِ وَقَلْبِهِ (?) مَعَ كَرَاهَةِ مَا نَزَّلَ (?) اللَّهُ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَكُونُ هَذَا كَافِرٌ عِنْدَهُمْ. وَالْآيَةُ تَتَنَاوَلُهُ، وَإِذَا دَلَّتْ عَلَى كُفْرِهِ دَلَّتْ عَلَى فَسَادِ قَوْلِهِمْ.
قَالُوا: وَأَمَّا قَوْلُكُمْ: الْمُتَّقُونَ الَّذِينَ اتَّقَوُا الشِّرْكَ. فَهَذَا خِلَافُ الْقُرْآنِ ; فَإِنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - قَالَ: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ - وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ} [سُورَةُ الْمُرْسَلَاتِ: 41 - 42] ، {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ} [سُورَةُ الْقَمَرِ: 54] .
وَقَالَ: {الم - ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ - الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ - وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 1 - 4] .
وَقَالَتْ مَرْيَمُ: {إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا} [سُورَةُ مَرْيَمَ: 18]