وَالصِّفَاتِ، وَالْقَدَرِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَسَائِلِ أُصُولِ الدِّينِ لَيْسَ فِي كِتَابِهِ، وَقَدِ اسْتَقْصَى مَا عَرَفَهُ مِنْ كَلَامِ الْمُتَكَلِّمِينَ.
وَأَمَّا مَعْرِفَةُ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَآثَارِ الصَّحَابَةِ، فَعِلْمٌ آخَرُ لَا يَعْرِفُهُ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُتَكَلِّمِينَ، الْمُخْتَلِفِينَ فِي أُصُولِ الدِّينِ. وَلِهَذَا كَانَ سَلَفُ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتُهَا مُتَّفِقِينَ عَلَى ذَمِّ أَهْلِ الْكَلَامِ ; فَإِنَّ كَلَامَهُمْ لَا بُدَّ أَنْ يَشْتَمِلَ عَلَى تَصْدِيقٍ بِبَاطِلٍ، وَتَكْذِيبٍ بِحَقٍّ (?) ، وَمُخَالَفَةِ الْكِتَابِ (?) وَالسُّنَّةِ، فَذَمُّوهُ لِمَا فِيهِ مِنَ الْكَذِبِ وَالْخَطَأِ وَالضَّلَالِ. وَلَمْ يَذُمَّ السَّلَفُ مَنْ كَانَ كَلَامُهُ حَقًّا، [فَإِنَّ مَا كَانَ حَقًّا] (?) فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ، (وَهَذَا لَا يَذُمُّهُ السَّلَفُ الْعَارِفُونَ بِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ) (?) ، وَمَعَ هَذَا فَيُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِهِمْ (?) نَقْضُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، وَبَيَانُ فَسَادِ قَوْلِهِ، فَإِنَّ الْمُخْتَلِفِينَ كُلُّ كَلَامِهِمْ فِيهِ شَيْءٌ مِنَ الْبَاطِلِ (?) ، وَكُلُّ طَائِفَةٍ تَقْصِدُ بَيَانَ بُطْلَانِ (?) قَوْلِ (?) الْأُخْرَى، فَيَبْقَى الْإِنْسَانُ عِنْدَ دَلَائِلَ كَثِيرَةٍ تَدُلُّ عَلَى فَسَادِ قَوْلِ كُلِّ طَائِفَةٍ مِنَ الطَّوَائِفِ الْمُخْتَلِفِينَ فِي الْكِتَابِ.
وَهَذَا مِمَّا مُدِحَ بِهِ الْأَشْعَرِيُّ ; فَإِنَّهُ بَيَّنَ مِنْ فَضَائِحِ الْمُعْتَزِلَةِ وَتَنَاقُضِ