كَلَامَهُ، وَبَيَّنْتُ مَا أُشْكِلَ عَلَيْهِ وَعَلَى هَؤُلَاءِ فِي مَوَاضِعَ.
فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَرْسَلَ رُسُلَهُ بِالْحَقِّ، وَخَلَقَ عِبَادَهُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَمَنْ كَمَّلَ فِطْرَتَهُ بِمَا أَرْسَلَ اللَّهُ بِهِ رُسُلَهُ، وَجَدَ الْهُدَى وَالْيَقِينَ الَّذِي لَا رَيْبَ فِيهِ، وَلَمْ يَتَنَاقَضْ. لَكِنَّ هَؤُلَاءِ أَفْسَدُوا فِطْرَتَهُمُ الْعَقْلِيَّةَ وَشِرْعَتَهُمُ السَّمْعِيَّةَ، بِمَا حَصَلَ لَهُمْ مِنَ الشُّبُهَاتِ وَالِاخْتِلَافِ، الَّذِي لَمْ يَهْتَدُوا مَعَهُ إِلَى الْحَقِّ، كَمَا قَدْ ذُكِرَ تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ غَيْرِ هَذَا.
وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ ذَلِكَ قَالَ: وَمَنِ الَّذِي وَصَلَ إِلَى هَذَا الْبَابِ وَمَنِ الَّذِي ذَاقَ هَذَا (?) الشَّرَابَ.
نِهَايَةُ إِقْدَامِ الْعُقُولِ عِقَالُ وَأَكْثَرُ سَعْيِ الْعَالِمِينَ ضَلَالُ وَأَرْوَاحَنَا فِي وَحْشَةٍ مِنْ جُسُومِنَا وَحَاصِلُ دُنْيَانَا أَذًى وَوَبَالُ وَلَمْ نَسْتَفِدْ مَنْ بَحْثِنَا طُولَ عُمْرِنَا سِوَى أَنْ جَمَعْنَا فِيهِ قِيلَ وَقَالُوا وَقَالَ (?) : " لَقَدْ تَأَمَّلْتُ الطُّرُقَ الْكَلَامِيَّةَ، وَالْمَنَاهِجَ الْفَلْسَفِيَّةَ، فَمَا رَأَيْتُهَا تَشْفِي عَلِيلًا، وَلَا تَرْوِي غَلِيلًا. وَرَأَيْتُ أَقْرَبَ الطُّرُقِ طَرِيقَةَ الْقُرْآنِ ; اقْرَأْ فِي الْإِثْبَاتِ (?) : {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [سُورَةُ فَاطِرٍ: 10]