وَكَذَلِكَ هَؤُلَاءِ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: 110] . وَقَدْ قَالَ قَبْلَ هَذَا: {وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: 110] ثُمَّ قَالَ: {مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: 110] ثُمَّ قَالَ: {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى} [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: 111] وَهَذَا عَائِدٌ إِلَيْهِمْ جَمِيعِهِمْ لَا إِلَى أَكْثَرِهِمْ. وَلِهَذَا قَالَ: {وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ} [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: 111] . وَقَدْ يُقَاتِلُونَ وَفِيهِمْ مُؤْمِنٌ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ، يَشْهَدُ الْقِتَالَ مَعَهُمْ وَلَا يُمْكِنُهُ الْهِجْرَةُ، وَهُوَ مُكْرَهٌ عَلَى الْقِتَالِ، وَيُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى نِيَّتِهِ.
كَمَا فِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: " «يَغْزُو جَيْشٌ هَذَا الْبَيْتَ، فَبَيْنَمَا هُمْ بِبَيْدَاءَ مِنَ الْأَرْضِ إِذْ خُسِفَ بِهِمْ ". فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَفِيهِمُ الْمُكْرَهُ؟ فَقَالَ: " يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ» " (?) .