وَالْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ: الْأَمْرُ بِالصَّدَقَةِ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ حَتَّى يَكُونُوا عُصَاةً بِتَرْكِهِ، وَإِنَّمَا أُمِرَ بِهِ مَنْ أَرَادَ النَّجْوَى، وَاتَّفَقَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدِ النَّجْوَى إِذْ ذَاكَ إِلَّا عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَتَصَدَّقَ لِأَجْلِ الْمُنَاجَاةِ (?) .
وَهَذَا كَأَمْرِهِ بِالْهَدْيِ لِمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، وَأَمْرِهِ بِالْهَدْيِ لِمَنْ أُحْصِرَ وَأَمْرِهِ لِمَنْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأَسِهِ بِفِدْيَةٍ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ. وَهَذِهِ الْآيَةُ نَزَلَتْ فِي كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ لَمَّا مَرَّ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَنْفُخُ تَحْتَ قِدْرٍ وَهَوَامُّ رَأْسِهِ تُؤْذِيهِ (?) . وَكَأَمْرِهِ لِمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ بِعِدَّةٍ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ، وَكَأَمْرِهِ لِمَنْ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ بِإِطْعَامِ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ أَوْ كِسْوَتِهِمْ أَوْ تَحْرِيرِ رَقَبَةٍ، وَكَأَمْرِهِ إِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ أَنْ يَغْسِلُوا وُجُوهَهُمْ وَأَيْدِيَهُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ، وَكَأَمْرِهِ إِذَا قَرَءُوا الْقُرْآنَ أَنْ يَسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، وَنَظَائِرُ هَذَا مُتَعَدِّدَةٌ.
فَالْأَمْرُ الْمُعَلَّقُ بِشَرْطٍ إِذَا لَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ الشَّرْطُ إِلَّا فِي حَقِّ وَاحِدٍ لَمْ يُؤْمَرْ