[وَالسَّمَاوَاتِ] (?) - قَدِيمَةٌ بِقِدَمِ اللَّهِ لَمْ يَزَلِ اللَّهُ وَالِدًا لَهَا، فَهُمْ مَعَ قَوْلِهِمْ بِأَنَّ اللَّهَ وَلَدَهَا يَقُولُونَ: لَمْ تَزَلْ مَعَهُ، وَهَذَا أَمْرٌ لَا يُعْقَلُ لَا فِي الْوَلَدِ وَلَا فِي الْفِعْلِ، فَكَانَ قَوْلُهُمْ مُخَالِفًا لِمَا تَعْرِفُهُ الْعُقُولُ مِنْ جَمِيعِ الْجِهَاتِ، وَسِرُّ الْأَمْرِ أَنَّهُمْ جَمَعُوا بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ، فَأَثْبَتُوا فِعْلًا وَصُنْعًا وَإِبْدَاعًا (?) مِنْ غَيْرِ إِبْدَاعٍ وَلَا صُنْعٍ وَلَا فِعْلٍ.
وَقَوْلُهُمْ فِي فِعْلِ الرَّبِّ كَقَوْلِهِمْ فِي ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ، فَأَثْبَتُوا وَاجِبَ الْوُجُودِ (?) ، وَوَصَفُوهُ بِمَا يَسْتَلْزِمُ أَنْ يَكُونَ مُمْتَنِعَ الْوُجُودِ، وَأَثْبَتُوا صِفَاتِهِ، وَقَالُوا فِيهَا مَا يُوجِبُ نَفْيَ صِفَاتِهِ، فَهُمْ دَائِمًا يَجْمَعُونَ فِي أَقْوَالِهِمْ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ فِي الْأَصْلِ مُعَطِّلَةٌ مَحْضَةٌ، وَلَكِنْ أَثْبَتُوا ضَرْبًا مِنَ الْإِثْبَاتِ، وَأَرَادُوا أَنْ يَجْمَعُوا بَيْنَ الْإِثْبَاتِ وَالتَّعْطِيلِ، فَلَزِمَهُمُ التَّنَاقُضُ.
وَلِهَذَا يَمْتَنِعُونَ مِنْ أَنْ يُوصَفَ بِنَفْيٍ أَوْ إِثْبَاتٍ (?) ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: لَا يُقَالُ: هُوَ مَوْجُودٌ (5 وَلَا مَعْدُومٌ وَلَا حَيٌّ وَلَا مَيِّتٌ، وَقَدْ يَقُولُونَ: لَا يُقَالُ: هُوَ مَوْجُودٌ وَلَا يُقَالُ 5) : (?) لَيْسَ بِمَوْجُودٍ، وَلَا يُقَالُ: هُوَ حَيٌّ، وَلَا يُقَالُ: لَيْسَ بِحَيٍّ (?) ، فَيَرْفَعُونَ النَّقِيضَيْنِ جَمِيعًا، أَوْ يَمْتَنِعُونَ مِنْ إِثْبَاتِ أَحَدِ النَّقِيضَيْنِ وَرَفْعِ النَّقِيضَيْنِ مُمْتَنِعٌ، كَمَا أَنَّ جَمْعَ النَّقِيضَيْنِ مُمْتَنِعٌ، وَالِامْتِنَاعُ مِنْ إِثْبَاتِ أَحَدِ النَّقِيضَيْنِ هُوَ الْإِمْسَاكُ عَنِ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ،