وَأَنَّهُ تَمَثَّلَ بِشِعْرِ ابْنِ الزِّبَعْرَى (?) :

لَيْتَ أَشْيَاخِي بِبَدْرٍ شَهِدُوا ... جَزَعَ الْخَزْرَجِ مِنْ وَقْعِ الْأَسَلْ

قَدْ قَتَلْنَا الْقَرْنَ مِنْ سَادَاتِهِمْ ... وَعَدَلْنَاهُ بِبَدْرٍ فَاعْتَدَلْ.

وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ بَاطِلٌ، يَعْلَمُ بُطْلَانَهُ كُلُّ عَاقِلٍ ; فَإِنَّ الرَّجُلَ مَلِكٌ مِنْ مُلُوكِ الْمُسْلِمِينَ، وَخَلِيفَةٌ مِنَ الْخُلَفَاءِ الْمُلُوكِ، لَا هَذَا وَلَا هَذَا. وَأَمَّا مَقْتَلُ الْحُسَيْنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَلَا رَيْبَ أَنَّهُ قُتِلَ مَظْلُومًا شَهِيدًا، كَمَا قُتِلَ أَشْبَاهُهُ مِنَ الْمَظْلُومِينَ الشُّهَدَاءِ.

وَقَتْلُ الْحُسَيْنِ مَعْصِيَةٌ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مِمَّنْ قَتَلَهُ أَوْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِهِ [أَوْ رَضِيَ بِذَلِكَ] (?) ، وَهُوَ مُصِيبَةٌ أُصِيبَ بِهَا الْمُسْلِمُونَ مِنْ أَهْلِهِ وَغَيْرِ أَهْلِهِ، وَهُوَ فِي حَقِّهِ شَهَادَةٌ لَهُ، وَرَفْعُ دَرَجَةٍ، وَعُلُوُّ مَنْزِلَةٍ ; فَإِنَّهُ وَأَخَاهُ سَبَقَتْ لَهُمَا مِنَ اللَّهِ السَّعَادَةُ، الَّتِي لَا تُنَالُ إِلَّا بِنَوْعٍ مِنَ الْبَلَاءِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمَا مِنَ السَّوَابِقِ مَا لِأَهْلِ بَيْتِهِمَا، فَإِنَّهُمَا تَرَبَّيَا فِي حِجْرِ الْإِسْلَامِ، فِي عِزٍّ وَأَمَانٍ، فَمَاتَ هَذَا (?) مَسْمُومًا وَهَذَا مَقْتُولًا، لِيَنَالَا بِذَلِكَ مَنَازِلَ السُّعَدَاءِ وَعَيْشَ الشُّهَدَاءِ.

وَلَيْسَ مَا وَقَعَ مِنْ ذَلِكَ بِأَعْظَمَ مِنْ قَتْلِ الْأَنْبِيَاءِ ; فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَخْبَرَ أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانُوا يَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ. وَقَتْلُ النَّبِيِّ أَعْظَمُ ذَنْبًا وَمُصِيبَةً، وَكَذَلِكَ قَتْلُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَعْظَمُ ذَنْبًا وَمُصِيبَةً، وَكَذَلِكَ قَتْلُ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَعْظَمُ ذَنْبًا وَمُصِيبَةً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015