أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ - تَجِدُهُ يَعْتَقِدُ اعْتِقَادَاتٍ فَاسِدَةً، وَيُكَفِّرُ مَنْ خَالَفَهُ أَوْ يَلْعَنُهُ. وَالْخَوَارِجُ الْمَارِقُونَ أَئِمَّةُ هَؤُلَاءِ فِي تَكْفِيرِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَفِي قِتَالِهِمْ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: مَنْ يُقَاتِلُ (?) عَلَى اعْتِقَادِ رَأْيٍ يَدْعُو إِلَيْهِ مُخَالِفٍ لِلسُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، كَأَهْلِ الْجَمَلِ وَصِفِّينَ وَالْحَرَّةِ وَالْجَمَاجِمِ وَغَيْرِهِمْ، لَكِنْ يَظُنُّ أَنَّهُ بِالْقِتَالِ تَحْصُلُ الْمَصْلَحَةُ الْمَطْلُوبَةُ، فَلَا يَحْصُلُ بِالْقِتَالِ ذَلِكَ، بَلْ تَعْظُمُ الْمَفْسَدَةُ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَتْ، فَيَتَبَيَّنُ لَهُمْ فِي آخِرِ الْأَمْرِ مَا كَانَ الشَّارِعُ دَلَّ عَلَيْهِ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ.
وَفِيهِمْ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ نُصُوصُ الشَّارِعِ، أَوْ لَمْ تَثْبُتْ عِنْدَهُ. وَفِيهِمْ مَنْ يَظُنُّهَا مَنْسُوخَةً كَابْنِ حَزْمٍ. وَفِيهِمْ مَنْ يَتَأَوَّلُهَا كَمَا يَجْرِي لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ فِي كَثِيرٍ مِنَ النُّصُوصِ.
فَإِنَّ بِهَذِهِ الْوُجُوهِ [الثَّلَاثَةِ] (?) يَتْرُكُ مَنْ يَتْرُكُ (?) مِنْ أَهْلِ الِاسْتِدْلَالِ الْعَمَلَ بِبَعْضِ النُّصُوصِ ; إِمَّا أَنْ لَا يَعْتَقِدَ ثُبُوتَهَا عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِمَّا أَنْ يَعْتَقِدَهَا غَيْرَ دَالَّةٍ عَلَى مَوْرِدِ الِاسْتِدْلَالِ، وَإِمَّا أَنْ يَعْتَقِدَهَا مَنْسُوخَةً.
وَمِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ أَسْبَابَ هَذِهِ الْفِتَنِ تَكُونُ مُشْتَرَكَةً، فَيَرِدُ عَلَى الْقُلُوبِ مِنَ الْوَارِدَاتِ مَا يَمْنَعُ الْقُلُوبَ عَنْ مَعْرِفَةِ الْحَقِّ وَقَصْدِهِ. وَلِهَذَا تَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَالْجَاهِلِيَّةُ لَيْسَ فِيهَا مَعْرِفَةُ الْحَقِّ وَلَا قَصْدُهُ، وَالْإِسْلَامُ جَاءَ بِالْعِلْمِ النَّافِعِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ، بِمَعْرِفَةِ الْحَقِّ وَقَصْدِهِ. فَيَتَّفِقُ أَنَّ بَعْضَ