عِنْدِي! قَالَ لَهُ إِنْسَانٌ: أَمَا تَعْرِفُ هَذَا يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ أُسَامَةَ. قَالَ: فَطَأْطَأَ ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَأْسَهُ، وَنَقَرَ بِيَدَيْهِ (?) عَلَى الْأَرْضِ، وَقَالَ: لَوْ رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَأَحَبَّهُ (?) .
وَهَذَانِ اللَّذَانِ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي مَحَبَّتِهِ، وَدَعَا اللَّهَ لَهُمَا بِالْمَحَبَّةِ، وَكَانَ يُعْرَفُ حُبُّهُ لِكُلِّ [وَاحِدٍ] (?) مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا، لَمْ يَكُنْ رَأْيُهُمَا الْقِتَالَ فِي تِلْكَ الْحُرُوبِ، بَلْ أُسَامَةُ قَعَدَ عَنِ الْقِتَالِ يَوْمَ صِفِّينَ: لَمْ يُقَاتِلْ مَعَ هَؤُلَاءِ وَلَا [مَعَ] هَؤُلَاءِ (?) .
وَكَذَلِكَ الْحَسَنُ كَانَ دَائِمًا (?) يُشِيرُ عَلَى أَبِيهِ وَأَخِيهِ بِتَرْكِ الْقِتَالِ، وَلَمَّا صَارَ الْأَمْرُ إِلَيْهِ تَرَكَ الْقِتَالَ، وَأَصْلَحَ اللَّهُ بِهِ بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ الْمُقْتَتِلَتَيْنِ.
وَعَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي آخِرِ الْأَمْرِ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ الْمَصْلَحَةَ فِي تَرْكِ الْقِتَالِ أَعْظَمُ مِنْهَا فِي فِعْلِهِ.
وَكَذَلِكَ الْحُسَيْنُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ يُقْتَلْ إِلَّا مَظْلُومًا شَهِيدًا، تَارِكًا لِطَلَبِ الْإِمَارَةِ (?) ، طَالِبًا لِلرُّجُوعِ: إِمَّا إِلَى بَلَدِهِ، أَوْ إِلَى الثَّغْرِ (?) ، أَوْ إِلَى الْمُتَوَلِّي عَلَى النَّاسِ يَزِيدَ.