وَقَوْلُهُ: {فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى} يَعُودُ الضَّمِيرُ فِيهِ إِلَى الطَّائِفَتَيْنِ الْمُقْتَتِلَتَيْنِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، لَا يَعُودُ إِلَى طَائِفَةٍ مُؤْمِنَةٍ لَمْ تُقَاتِلْ. بِالتَّقْدِيرِ: فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ الْمُؤْمِنَتَيْنِ الْمُقْتَتِلَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى، فَقَاتِلُوا الْبَاغِيَةَ حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ، فَمَتَى كَانَتْ طَائِفَةٌ بَاغِيَةٌ وَلَمْ تُقَاتِلْ لَمْ يَكُنْ فِي الْآيَةِ أَمْرٌ بِقِتَالِهَا.
ثُمَّ إِنْ كَانَ قَوْلُهُ: {فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى} سُورَةُ الْحُجُرَاتِ بَعْدَ الْإِصْلَاحِ فَهُوَ أَوْكَدُ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الِاقْتِتَالِ حَصَلَ الْمَقْصُودُ.
وَحِينَئِذٍ فَأَصْحَابُ مُعَاوِيَةَ إِنْ كَانُوا قَدْ بَغَوْا قَبْلَ الْقِتَالِ لِكَوْنِهِمْ لَمْ يُبَايِعُوا عَلِيًّا، فَلَيْسَ فِي الْآيَةِ الْأَمْرُ بِقِتَالِ مَنْ بَغَى وَلَمْ يُقَاتِلْ. وَإِنْ كَانَ بَغْيُهُمْ بَعْدَ الِاقْتِتَالِ وَالْإِصْلَاحِ وَجَبَ قِتَالُهُمْ، لَكِنَّ هَذَا لَمْ يُوجَدْ ; فَإِنَّ أَحَدًا لَمْ يُصْلِحْ بَيْنَهُمَا (?) .
(* وَلِهَذَا قَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: " هَذِهِ الْآيَةُ تَرَكَ النَّاسُ الْعَمَلَ بِهَا " يَعْنِي إِذْ ذَاكَ.
وَإِنْ كَانَ بَغْيُهُمْ (?) بَعْدَ الِاقْتِتَالِ *) (?) وَقَبْلَ الْإِصْلَاحِ، فَهُنَا إِذَا قِيلَ بِجَوَازِ الْقِتَالِ، فَهَذَا الْقَدْرُ إِنَّمَا حَصَلَ فِي أَثْنَاءِ الْقِتَالِ. وَحِينَئِذٍ فَشِلَ أَصْحَابُ عَلِيٍّ وَنَكَلُوا عَنِ الْقِتَالِ (?) لَمَّا رَفَعُوا الْمَصَاحِفَ. فَفِي الْحَالِ الَّتِي أُمِرَ بِقِتَالِهِمْ فِيهَا لَمْ يُقَاتِلُوهُمْ، وَفِي الْحَالِ الَّتِي قَاتَلُوهُمْ لَمْ يَكُنْ قِتَالُهُمْ مَأْمُورًا بِهِ. فَإِنْ كَانَ