الْعَالَمِ (?) ، بَلْ إِذَا قَالُوا: اعْتِبَارُ أَسْبَابِ الْفِعْلِ - وَهُوَ الْفَاعِلُ وَالْغَايَةُ وَالْمَادَّةُ، وَالصُّورَةُ - يَدُلُّ عَلَى قِدَمِ الْفِعْلِ، فَإِنَّمَا يَدُلُّ ذَلِكَ - إِنْ دَلَّ - عَلَى قِدَمِ نَوْعِهِ لَا عَيْنِهِ، وَقِدَمِ نَوْعِهِ مُمْكِنٌ مَعَ الْقَوْلِ بِمُوجِبِ سَائِرِ الْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ الْفِعْلَ لَا يَكُونُ إِلَّا حَادِثًا - وَإِنْ كَانَ حَادِثًا شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ - وَأَنَّ الْفَاعِلَ مُطْلَقًا، أَوِ الْفَاعِلَ بِالِاخْتِيَارِ لَا يَكُونُ فِعْلُهُ إِلَّا حَادِثًا، وَلَوْ كَانَ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ، وَأَنَّ دَوَامَ الْحَوَادِثِ لِمَخْلُوقٍ مُعَيَّنٍ قَدِيمٍ أَزَلِيٍّ مُمْتَنِعٌ، وَكَذَلِكَ الْمَفْعُولُ الْمُعَيَّنُ الْمُقَارِنُ لِفَاعِلِهِ (?) لَمْ يَزَلْ مَعَهُ مُمْتَنِعٌ.

مَعَ أَنَّ الرُّسُلَ قَدْ أَخْبَرَتْ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ، وَأَنَّ اللَّهَ خَلَقَ (?) السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ. (?) فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ، فَكَيْفَ عَدَلْتُمْ عَنْ صَحِيحِ الْمَنْقُولِ وَصَرِيحِ الْمَعْقُولِ إِلَى مَا يُنَاقِضُهُ، بَلْ أَثْبَتُّمْ قِدَمَ مَا لَا يَدُلُّ دَلِيلٌ إِلَّا عَلَى حُدُوثِهِ لَا عَلَى قِدَمِهِ.

ثُمَّ يُقَالُ لِهَؤُلَاءِ أَيْضًا: إِذَا كَانَ الرَّبُّ فَاعِلًا بِإِرَادَاتِهِ، كَمَا سَلَّمْتُمُوهُ، وَكَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَدِلَّةُ، بَلْ إِذَا كَانَ فَاعِلًا كَمَا سَلَّمْتُمُوهُ أَنْتُمْ وَإِخْوَانُكُمُ الْقَائِلُونَ بِأَنَّهُ قَدِيمٌ عَنْ مُوجِبٍ قَدِيمٍ وَمُوجِبُهُ فَاعِلُهُ، فَلَا يُعْقَلُ فَاعِلُ مَفْعُولِهِ مُقَارِنٌ لَهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ عَلَيْهِ بِزَمَانِ ابْتِدَاءٍ (?) ، بَلْ تَقْدِيرُ هَذَا فِي الْعَقْلِ تَقْدِيرٌ لَا يُعْقَلُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015