وَمَا ذَكَرْنَا مِنَ التَّقْسِيمِ يَأْتِي عَلَى كُلِّ قَوْلٍ، وَإِنْ كَانَ كُلُّ قَوْلٍ بَاطِلٍ لَهُ دَلَائِلُ خَاصَّةٌ تَدُلُّ عَلَى فَسَادِهِ.

[بطلان قول المعتزلة والأشاعرة بالْجَوْهَر الْفَرْد]

وَأَيْضًا فَالْمُتَكَلِّمُونَ الَّذِينَ يُثْبِتُونَ الْجَوْهَرَ الْفَرْدَ (?) ، أَوْ يَقُولُونَ: إِنَّ الْحَرَكَةَ وَالسُّكُونَ أَمْرَانِ وُجُودِيَّانِ كَجُمْهُورِ الْمُعْتَزِلَةِ وَالْأَشْعَرِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ يَقُولُونَ: إِنَّ الْعَالَمَ لَمْ يَخْلُ مِنَ الْحَرَكَةِ وَالسُّكُونِ، وَمِنَ (?) الِاجْتِمَاعِ وَالِافْتِرَاقِ، وَهِيَ حَادِثَةٌ، فَالْعَالَمُ مُسْتَلْزِمٌ لِلْحَوَادِثِ.

وَهَذَا مَبْسُوطٌ فِي مَوْضِعِهِ، وَفِيهِ نِزَاعٌ بَيْنَ النُّظَّارِ، وَمُقَدِّمَاتُهُ فِيهَا طُولٌ وَنِزَاعٌ، وَقَدْ لَا يَتَقَرَّرُ بَعْضُهَا، فَلَا نَبْسُطُهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ إِذْ لَا حَاجَةَ بِنَا إِلَيْهِ، وَهُوَ مِنَ الْكَلَامِ الْمَذْمُومِ، فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النُّظَّارِ يَقُولُونَ: إِنَّ السُّكُونَ أَمْرٌ عَدَمِيٌّ، وَنَقُولُ (?) : إِثْبَاتُ الْجَوْهَرِ الْفَرْدِ بَاطِلٌ، وَالْأَجْسَامُ لَيْسَتْ مُرَكَّبَةً مِنَ الْجَوَاهِرِ الْفَرْدَةِ (?) ، وَلَا مِنَ الْهَيُولِي وَالصُّورَةِ، بَلِ الْجِسْمُ وَاحِدٌ فِي نَفْسِهِ، وَأَمَّا كَوْنُ الْأَجْسَامِ كُلِّهَا تَقْبَلُ التَّفْرِيقَ، أَوْ لَا يَقْبَلُهُ إِلَّا بَعْضُهَا، فَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ بَسْطِهِ، وَبِتَقْدِيرِ أَنْ يَقْبَلَ مَا يَقْبَلُ التَّفْرِيقَ (?) ، فَلَا يَجِبُ أَنْ يَقْبَلَهُ إِلَى غَيْرِ غَايَةٍ، بَلْ يَقْبَلُهُ إِلَى غَايَةٍ (?) ، وَبَعْدَهَا يَكُونُ الْجِسْمُ صَغِيرًا لَا يَقْبَلُ التَّفْرِيقَ الْفِعْلِيَّ، بَلْ يَسْتَحِيلُ إِلَى جِسْمٍ آخَرَ، كَمَا يُوجَدُ فِي أَجْزَاءِ الْمَاءِ إِذَا تَصَغَّرَتْ (?) ، فَإِنَّهَا تَسْتَحِيلُ هَوَاءً مَعَ أَنَّ أَحَدَ جَانِبَيْهَا مُتَمَيِّزٌ عَنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015