عِنْدَهُمْ يُنَافِي الْحَاجَةَ إِلَى الْفَاعِلِ (?) ، وَيُنَافِي كَوْنَهُ مَفْعُولًا فَالْحُدُوثُ (?) عِنْدَهُمْ مِنْ لَوَازِمِ كَوْنِ الشَّيْءِ مَفْعُولًا فَيَمْتَنِعُ عِنْدَهُمْ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولٌ قَدِيمًا، وَهَذَا لَيْسَ قَوْلَ الْقَدَرِيَّةِ وَالْجَبْرِيَّةِ فَقَطْ، بَلْ هَذَا (?) قَوْلُ جَمَاهِيرِ الْعُقَلَاءِ مِنْ أَهْلِ الْمِلَلِ وَغَيْرِ [أَهْلِ الْمِلَلِ] (?) ، وَهُوَ قَوْلُ جَمَاهِيرِ أَئِمَّةِ الْفَلَاسِفَةِ.
وَأَمَّا (?) كَوْنُ الْفَلَكِ مَفْعُولًا قَدِيمًا، فَإِنَّمَا هُوَ قَوْلُ طَائِفَةٍ قَلِيلَةٍ مِنَ الْفَلَاسِفَةِ، وَعِنْدَ جُمْهُورِ الْعُقَلَاءِ أَنَّهُ مَعْلُومُ الْفَسَادِ بِالضَّرُورَةِ، وَلِهَذَا كُلُّ مَنْ تَصَوَّرَ مِنَ الْعُقَلَاءِ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ تَصَوَّرَ أَنَّهَا كَانَتْ بَعْدَ أَنْ لَمْ تَكُنْ، وَكُلُّ مَنْ تَصَوَّرَ أَنَّ شَيْئًا مِنَ الْمَوْجُودَاتِ مَصْنُوعٌ مَفْعُولٌ لِلَّهِ تَصَوَّرَ أَنَّهُ حَادِثٌ، فَأَمَّا تَصَوُّرُ أَنَّهُ مَفْعُولٌ، وَأَنَّهُ قَدِيمٌ، فَهَذَا إِنَّمَا تَتَصَوَّرُهُ الْعُقُولُ تَقْدِيرًا لَهُ، كَمَا تَتَصَوَّرُ الْجَمْعَ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ تَقْدِيرًا لَهُ، وَالَّذِي يَقُولُ ذَلِكَ يَتْعَبُ تَعَبًا كَثِيرًا فِي تَقْدِيرِ إِمْكَانِ ذَلِكَ، وَتَصْوِيرِهِ، كَمَا يَتْعَبُ سَائِرُ الْقَائِلِينَ بِأَقْوَالٍ مُمْتَنِعَةٍ، ثُمَّ مَعَ هَذَا فَالْفِطَرُ تَرُدُّ ذَلِكَ وَتَدْفَعُهُ، وَلَا تَقْبَلُهُ (?) .
وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ تَسْمِيَةُ هَؤُلَاءِ (?) الْعَالَمَ مُحْدَثًا، وَيَعْنُونَ بِكَوْنِهِ مُحْدَثًا