مَحَلِّ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ، يَكُونُ الْمَعْنَى: وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ، وَامْسَحُوا أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ. وَقَوْلُهُمْ (?) : مَسَحْتُ الرِّجْلَ، لَيْسَ مُرَادِفًا لِقَوْلِهِ (?) : مَسَحْتُ بِالرِّجْلِ، فَإِنَّهُ إِذَا عُدِّيَ بِالْبَاءِ أُرِيدَ بِهِ (?) مَعْنَى الْإِلْصَاقِ، أَيْ أَلْصَقْتَ بِهِ شَيْئًا. وَإِذَا قِيلَ: مَسَحْتُهُ، لَمْ يَقْتَضِ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ أَلْصَقْتَ بِهِ شَيْئًا، وَإِنَّمَا يَقْتَضِي مُجَرَّدَ الْمَسْحِ، وَهُوَ لَمْ يُرِدْ مُجَرَّدَ الْمَسْحِ (?) بِالْيَدِ بِالْإِجْمَاعِ، فَتَعَيَّنَ أَنَّهُ إِذَا (?) مَسَحَهُ بِالْمَاءِ، وَهُوَ مُجْمَلٌ، فَسَّرَتْهُ السُّنَّةُ، كَمَا فِي قِرَاءَةِ الْجَرِّ.
وَفِي الْجُمْلَةِ فَالْقُرْآنُ لَيْسَ فِيهِ نَفْيُ إِيجَابِ الْغَسْلِ، بَلْ فِيهِ إِيجَابُ الْمَسْحِ، فَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ السُّنَّةَ أَوْجَبَتْ قَدْرًا زَائِدًا عَلَى مَا أَوْجَبَهُ الْقُرْآنُ لَمْ يَكُنْ فِي هَذَا رَفْعًا لِمُوجِبِ الْقُرْآنِ، فَكَيْفَ إِذَا فَسَّرَتْهُ وَبَيَّنَتْ مَعْنَاهُ؟ وَهَذَا مَبْسُوطٌ فِي مَوْضِعِهِ.
وَفِي الْجُمْلَةِ فَيُعْلَمُ أَنَّ سُنَّةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هِيَ الَّتِي تُفَسِّرُ الْقُرْآنَ وَتُبَيِّنُهُ وَتَدُلُّ عَلَيْهِ وَتُعَبِّرُ عَنْهُ، فَالسُّنَّةُ الْمُتَوَاتِرَةُ (?) تَقْضِي عَلَى مَا يَفْهَمُهُ بَعْضُ النَّاسِ مِنْ ظَاهِرِ الْقُرْآنِ، فَإِنَّ الرَّسُولَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيَّنَ لِلنَّاسِ لَفْظَ الْقُرْآنِ وَمَعْنَاهُ، كَمَا قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ: حَدَّثَنَا الَّذِينَ كَانُوا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ: عُثْمَانُ (?) بْنُ عَفَّانَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَغَيْرُهُمْ، أَنَّهُمْ