وَسِرُّ ذَلِكَ: أَنَّ مَا كَانَ كَذَلِكَ لَزِمَ أَنْ يُقَارِنَهُ أَثَرُهُ الْمُسَمَّى مَعْلُولًا. أَوْ مُرَادًا، أَوْ مُوجِبًا بِالذَّاتِ، أَوْ مُبْدِعًا، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْأَسْمَاءِ لَكِنَّ مُقَارَنَةَ ذَلِكَ لَهُ فِي الْأَزَلِ تَقْتَضِي أَنْ لَا يَحْدُثَ عَنْهُ شَيْءٌ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ حَادِثًا، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِلْحَوَادِثِ فَاعِلٌ، بَلْ كَانَتْ حَادِثَةً بِنَفْسِهَا، وَهَذَا مُمْتَنِعٌ بِنَفْسِهِ، فَإِثْبَاتُ مُوجِبٍ بِالذَّاتِ أَوْ فَاعِلٍ مُخْتَارٍ يُقَارِنُهُ مُرَادُهُ فِي الْأَزَلِ يَسْتَلْزِمُ أَنْ لَا يَكُونَ لِلْحَوَادِثِ. (?) فَاعِلٌ، وَهَذَا مُحَالٌ.
لَا سِيَّمَا قَوْلُ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ الْعَالَمَ صَدَرَ عَنْ ذَاتٍ بَسِيطَةٍ لَا يَقُومُ بِهَا صِفَةٌ وَلَا فِعْلٌ، كَمَا يَقُولُهُ ابْنُ سِينَا، وَأَمْثَالُهُ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ بِصُدُورِ الْأُمُورِ الْمُخْتَلِفَةِ عَنْ ذَاتٍ بَسِيطَةٍ، وَإِنَّ الْعِلَّةَ الْبَسِيطَةَ التَّامَّةَ الْأَزَلِيَّةَ تُوجِبُ مَعْلُولَاتٍ مُخْتَلِفَةً، وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْأَقْوَالِ امْتِنَاعًا فِي صَرِيحِ الْمَعْقُولِ.
وَمَهْمَا أَثْبَتُوهُ مِنَ الْوَسَائِطِ كَالْعُقُولِ وَغَيْرِهَا، فَإِنَّهُ لَا يُخَلِّصُهُمْ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ الْبَاطِلِ.
فَإِنَّ تِلْكَ الْوَسَائِطَ -[كَالْعُقُولِ]- (?) صَدَرَتْ عَنْ غَيْرِهَا، وَصَدَرَ عَنْهَا غَيْرُهَا.
فَإِنْ كَانَتْ بَسِيطَةً مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، فَقَدْ صَدَرَ الْمُخْتَلِفُ الْحَادِثُ (?) عَنِ الْبَسِيطِ الْأَزَلِيِّ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا (?) اخْتِلَافٌ، أَوْ قَامَ بِهَا حَادِثٌ، فَقَدْ صَدَرَتْ أَيْضًا (?) الْمُخْتَلِفَاتُ وَالْحَوَادِثُ عَنِ الْبَسِيطِ التَّامِّ [الْأَزَلِيِّ] (?) ،