قِيلَ: مَعْلُومٌ أَنَّ إِرَادَةَ هَذَا الْحَادِثِ لَيْسَتْ إِرَادَةَ هَذَا الْحَادِثِ، وَإِنْ جَوَّزُوا هَذَا لَزِمَهُمْ أَنْ يُجَوِّزُوا وُجُودَ جَمِيعِ الْكَائِنَاتِ بِإِرَادَةٍ وَاحِدَةٍ قَدِيمَةٍ [أَزَلِيَّةٍ] (?) ، كَمَا يَقُولُهُ مَنْ يَقُولُهُ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ كَابْنِ كُلَّابٍ وَأَتْبَاعِهِ، وَحِينَئِذٍ يَبْطُلُ قَوْلُهُمْ.
وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، فَالْمَعْلُولُ الْمُعَيَّنُ الْقَدِيمُ إِذَا قُدِّرَ كَانَ [مُرَادًا] (?) بِإِرَادَةٍ قَدِيمَةٍ أَزَلِيَّةٍ بَاقِيَةٍ، وَلَمْ يَقْتَرِنْ بِهَا إِرَادَةُ (?) شَيْءٍ مِنَ الْحَوَادِثِ ; لِأَنَّ (?) الْحَادِثَ لَا يَكُونُ قَدِيمًا، وَنَوْعُ الْإِرَادَاتِ وَالْحَوَادِثِ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ بِعَيْنِهِ قَدِيمٌ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ: يَقْتَرِنُ بِهَا النَّوْعُ الدَّائِمُ (?) لَكِنَّ هَذَا مُمْتَنِعٌ مِنْ وُجُوهٍ قَدْ ذُكِرَ بَعْضُهَا.
وَإِنْ قِيلَ: إِنَّ الْإِرَادَةَ الْقَدِيمَةَ الْأَزَلِيَّةَ [لَيْسَتْ] (?) مُسْتَلْزِمَةً لِمُقَارَنَةِ مُرَادِهَا لَهَا لَمْ يَجِبْ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ قَدِيمًا أَزَلِيًّا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَادِثًا ; لِأَنَّ حُدُوثَهُ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ يَفْتَقِرُ إِلَى سَبَبٍ حَادِثٍ كَمَا تَقَدَّمَ.
وَإِنْ (?) جَازَ أَنْ يُقَالَ: [إِنَّ] (?) الْحَوَادِثَ تَحْدُثُ بِالْإِرَادَةِ الْقَدِيمَةِ الْأَزَلِيَّةِ مِنْ غَيْرِ تَجَدُّدِ أَمْرٍ مِنَ الْأُمُورِ - كَمَا يَقُولُ ذَلِكَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ