لِلْحَوَادِثِ مُسْتَلْزِمٌ لَهَا امْتَنَعَ إِرَادَتُهُ دُونَ إِرَادَةِ لَوَازِمِهِ الَّتِي لَا يَنْفَكُّ عَنْهَا، وَاللَّهُ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ، وَخَالِقُهُ لَا رَبَّ غَيْرُهُ، فَيَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ ذَلِكَ بِإِرَادَتِهِ، وَبَعْضُهُ بِإِرَادَةِ غَيْرِهِ، بَلِ الْجَمِيعُ بِإِرَادَتِهِ.
وَحِينَئِذٍ فَالْإِرَادَةُ الْأَزَلِيَّةُ الْقَدِيمَةُ (?) إِمَّا أَنْ تَكُونَ مُسْتَلْزِمَةً لِمُقَارَنَةِ مُرَادِهَا لَهَا، وَإِمَّا أَنْ لَا تَكُونَ كَذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ وَلَوَازِمُهُ قَدِيمًا أَزَلِيًّا، وَالْحَوَادِثُ لَازِمَةٌ لِكُلِّ مُرَادٍ مَصْنُوعٍ، فَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ مُرَادَةً لَهُ، وَأَنْ تَكُونَ قَدِيمَةً أَزَلِيَّةً (?) ، إِذِ التَّقْدِيرُ أَنَّ الْمُرَادَ مُقَارِنٌ لِلْإِرَادَةِ، فَيَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ جَمِيعُ الْحَوَادِثِ الْمُتَعَاقِبَةِ قَدِيمَةً أَزَلِيَّةً، وَهَذَا مُمْتَنِعٌ لِذَاتِهِ.
وَإِنْ قِيلَ: إِنَّهُ أَرَادَ الْقَدِيمَ بِإِرَادَةٍ قَدِيمَةٍ، وَأَرَادَ الْحَوَادِثَ الْمُتَعَاقِبَةَ عَلَيْهِ (?) بِإِرَادَاتٍ مُتَعَاقِبَةٍ، كَمَا قَدْ يَقُولُهُ طَائِفَةٌ مِنَ الْفَلَاسِفَةِ، وَهُوَ يُشْبِهُ قَوْلَ صَاحِبِ الْمُعْتَبَرِ (?) .