الْوَجْهُ الثَّالِثُ: مَنْعُ الْحُكْمِ فِي هَذَا الْمِثَالِ (?) الَّذِي ضَرَبَهُ وَجَعَلَهُ أَصْلًا قَاسَ عَلَيْهِ، فَإِنَّ الرَّجُلَ إِذَا قَالَ لَهُ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ: طَرِيقِي آمِنٌ يُوَصِّلُنِي، وَقَالَ لَهُ الْآخَرُ: لَا عِلْمَ لِي بِأَنَّ طَرِيقِي آمِنٌ يُوَصِّلُنِي، أَوْ قَالَ ذَلِكَ الْأَوَّلُ، لَمْ يَحْسُنْ فِي الْعَقْلِ تَصْدِيقُ الْأَوَّلِ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ، بَلْ يَجُوزُ عِنْدَ الْعُقَلَاءِ أَنْ يَكُونَ هَذَا (?) مُحْتَالًا عَلَيْهِ، يَكْذِبُ حَتَّى يَصْحَبَهُ فِي الطَّرِيقِ فَيَقْتُلَهُ وَيَأْخُذَ مَالَهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَاهِلًا (?) لَا يَعْرِفُ مَا فِي الطَّرِيقِ مِنَ الْخَوْفِ، وَأَمَّا ذَاكَ الرَّجُلُ فَلَمْ يَضْمَنْ لِلسَّائِلِ شَيْئًا، بَلْ رَدَّهُ إِلَى نَظَرِهِ. فَالْحَزْمُ فِي مِثْلِ (?) هَذَا أَنْ يَنْظُرَ الرَّجُلُ أَيَّ الطَّرِيقَيْنِ أَوْلَى بِالسُّلُوكِ: أَحَدُ ذَيْنِكَ (?) الطَّرِيقَيْنِ أَوْ غَيْرُهُمَا (?)
وَلَوْ كَانَ (?) كُلُّ مَنْ قَالَ: إِنَّ (?) طَرِيقِي آمِنٌ مُوصِّلٌ يَكُونُ أَوْلَى بِالتَّصْدِيقِ مِمَّنْ تَوَقَّفَ، لَكَانَ كُلُّ مُفْتَرٍ وَجَاهِلٍ يَدَّعِي فِي الْمَسَائِلِ الْمُشْتَبِهَةِ أَنَّ قَوْلِي فِيهَا هُوَ الصَّوَابُ وَأَنَا قَاطِعٌ بِذَلِكَ، فَيَكُونُ اتِّبَاعِي أَوْلَى مِنْ طَرِيقِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَنْظُرُونَ وَيَسْتَدِلُّونَ، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الشُّيُوخُ الْكَذَّابُونَ الَّذِينَ يَضْمَنُونَ لِمُرِيدِهِمْ (?) الْجَنَّةَ، وَأَنَّ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ كَذَا وَكَذَا، وَأَنَّ كُلَّ مَنْ أَحَبَّهُمْ دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَأَنَّ مَنْ أَعْطَاهُمُ الْمَالَ أَعْطَوْهُ