يَكُونَ مُمْكِنًا، وَالْإِمْكَانُ لَيْسَ لَهُ وَقْتٌ مَحْدُودٌ، فَمَا مِنْ وَقْتٍ يُقَدَّرُ إِلَّا وَالْإِمْكَانُ ثَابِتٌ قَبْلَهُ، فَلَيْسَ لِإِمْكَانِ الْفِعْلِ وَجَوَازِ ذَلِكَ وَصِحَّتِهِ مَبْدَأٌ يُنْتَهَى إِلَيْهِ، فَيَجِبُ أَنَّهُ لَمْ يَزَلِ الْفِعْلُ مُمْكِنًا جَائِزًا صَحِيحًا، (1 فَيَلْزَمُ أَنَّهُ لَمْ يَزَلِ الرَّبُّ قَادِرًا عَلَيْهِ 1) (?) ، فَيَلْزَمُ جَوَازُ حَوَادِثَ لَا نِهَايَةَ لِأَوَّلِهَا (?) .
قَالَ الْمُنَاظِرُ عَنْ أُولَئِكَ (?) الْمُتَكَلِّمِينَ مَنَ الْجَهْمِيَّةِ، وَالْمُعْتَزِلَةِ وَأَتْبَاعِهِمْ: نَحْنُ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ إِمْكَانَ الْحَوَادِثِ لَا بِدَايَةَ لَهُ لَكِنْ نَقُولُ إِمْكَانُ الْحَوَادِثِ بِشَرْطِ كَوْنِهَا مَسْبُوقَةً بِالْعَدَمِ لَا بِدَايَةَ لَهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحَوَادِثَ عِنْدَنَا يُمْتَنَعُ أَنْ تَكُونَ قَدِيمَةَ النَّوْعِ، بَلْ يَجِبُ حُدُوثُ نَوْعِهَا، وَيُمْتَنَعُ قِدَمُ نَوْعِهَا لَكِنْ لَا يَجِبُ الْحُدُوثُ فِي وَقْتٍ بِعَيْنِهِ، فَإِمْكَانُ الْحَوَادِثِ بِشَرْطِ (?) كَوْنِهَا مَسْبُوقَةَ الْعَدَمِ لَا أَوَّلَ لَهُ بِخِلَافِ جِنْسِ الْحَوَادِثِ.
فَيُقَالُ لَهُمْ: هَبْ أَنَّكُمْ تَقُولُونَ ذَلِكَ لَكِنْ يُقَالُ: إِمْكَانُ جِنْسِ الْحَوَادِثِ عِنْدَكُمْ لَهُ بِدَايَةٌ، فَإِنَّهُ صَارَ جِنْسُ الْحُدُوثِ (?) عِنْدَكُمْ مُمْكِنًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ مُمْكِنًا، وَلَيْسَ لِهَذَا الْإِمْكَانِ وَقْتٌ مُعَيَّنٌ، بَلْ مَا مِنْ وَقْتٍ يُفْرَضُ إِلَّا وَالْإِمْكَانُ ثَابِتٌ قَبْلَهُ، فَيَلْزَمُ دَوَامُ الْإِمْكَانِ، وَإِلَّا لَزِمَ انْقِلَابُ الْجِنْسِ مِنَ الْإِمْكَانِ إِلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ غَيْرِ حُدُوثِ شَيْءٍ وَلَا تَجَدُّدِ شَيْءٍ.