فَإِذَا وُجِدَ كَانَ وُجُودُهُ مَا دَامَ مَوْجُودًا وَاجِبًا بِغَيْرِهِ، وَإِذَا سُمِّيَ مُمْكِنًا بِمَعْنَى أَنَّهُ مَخْلُوقٌ وَمَفْعُولٌ وَحَادِثٌ فَهُوَ صَحِيحٌ، لَا بِمَعْنَى أَنَّهُ حَالَ وُجُودِهِ يُمْكِنُ عَدَمُهُ مَعَ وُجُودِهِ *) (?) فَإِنَّهُ إِذَا أُرِيدَ (?) أَنَّهُ حَالَ وُجُودِهِ يُمْكِنُ عَدَمُهُ مَعَ وُجُودِهِ فَهَذَا بَاطِلٌ فَإِنَّهُ جَمْعٌ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ.
وَإِنْ أَرَادَ (?) أَنَّهُ يُمْكِنُ عَدَمُهُ بَعْدَ هَذَا الْوُجُودِ فَهُوَ صَحِيحٌ، وَلَكِنَّ هَذَا لَا يُنَاقِضُ وُجُوبَ وَجُودِهِ بِغَيْرِهِ مَا دَامَ مَوْجُودًا وَهَذَا مَوْجُودٌ (?) بِالْقَادِرِ لَا بِنَفَسِهِ وَهُوَ مُمْكِنٌ (?) فِي هَذِهِ الْحَالِ بِمَعْنَى أَنَّهُ مُحْدَثٌ مَخْلُوقٌ مُفْتَقِرٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى لَا بِمَعْنَى كَوْنِهِ (?) يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَعْدُومًا حَالَ وُجُودِهِ.
وَمَنْ فَهِمَ هَذَا انْحَلَّتْ عَنْهُ إِشْكَالَاتٌ كَثِيرَةٌ أُشْكِلَتْ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ فِي مَسَائِلِ الْقَدَرِ، بَلْ وَفِي إِثْبَاتِ كَوْنِ الرَّبِّ قَادِرًا مُخْتَارًا مَا شَاءَ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ.
وَالْقَدَرُ يَتَعَلَّقُ بِقُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَلِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: (?) الْقَدَرُ قُدْرَةُ اللَّهِ تَعَالَى يُشِيرُ إِلَى أَنَّ مَنْ أَنْكَرَ الْقَدَرَ فَقَدْ أَنْكَرَ قُدْرَةَ اللَّهِ تَعَالَى (?) وَأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ إِثْبَاتَ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى كُلِّ شَيْءٍ.
وَلِهَذَا جَعَلَ الْأَشْعَرِيُّ وَغَيْرُهُ أَخَصَّ وَصْفِ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قُدْرَتَهُ عَلَى الِاخْتِرَاعِ.