فَأَخْبَرَ أَنَّ الْجِبَالَ تَئَوِّبُ مَعَهُ وَالطَّيْرَ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ سَخَّرَهَا تُسَبِّحُ.
وَقَالَ: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ} [سُورَةُ النُّورِ: 41] .
وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} [سُورَةُ الْإِسْرَاءِ: 44] .
وَقَالَ: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا} [سُورَةُ الرَّعْدِ: 15] .
وَقَالَ: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 74] .
وَبَسْطُ الْكَلَامِ عَلَى سُجُودِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَتَسْبِيحِهَا مَذْكُورٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ (?) .
وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ هَذَا كُلَّهُ مَخْلُوقٌ لِلَّهِ بِالِاتِّفَاقِ مَعَ جَعْلِ ذَلِكَ فِعْلًا لِهَذِهِ الْأَعْيَانِ فِي الْقُرْآنِ، فَعُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُنَافِي كَوْنَ الرَّبِّ تَعَالَى خَالِقًا لِكُلِّ شَيْءٍ.
فَإِنْ قِيلَ: قَوْلُكُمْ إِذَا جَعَلْنَا اللَّهَ فَاعِلًا وَجَبَ وُجُودُ ذَلِكَ الْفِعْلِ (?) وَخَلْقُ الْفِعْلِ يَسْتَلْزِمُ وَجُودَهُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنَ الْأَقْوَالِ يَقْتَضِي الْجَبْرَ، وَهُوَ قَوْلٌ بَاطِلٌ.