وَقَعَ مِنَ الْمَعَاصِي فَهُوَ مُرَادٌ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ، فَإِنَّهُ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، فَكُلُّ مَا وَقَعَ فَقَدْ شَاءَ كَوْنَهُ، وَالزَّجْرُ عَنْهَا مُرَادٌ بِالْمَعْنَى الثَّانِي فَإِنَّهُ يُحِبُّ النَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيَرْضَاهُ وَيُثِيبُ فَاعِلَهُ، بِخِلَافِ الْمُنْكَرِ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَا يُحِبُّهُ وَلَا يَرْضَاهُ وَلَا يُثِيبُ فَاعِلَهُ، ثُمَّ الزَّجْرُ إِنَّمَا يَكُونُ عَمَّا لَمْ يَقَعْ، وَالْعُقُوبَةُ تَكُونُ عَلَى مَا (?) وَقَعَ، فَإِذَا وَقَعَتْ سَرِقَةٌ بِالْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِإِقَامَةِ الْحَدِّ (?) فِيهَا فَإِقَامَةُ الْحَدِّ مَأْمُورٌ بِهِ يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ وَيُرِيدُهُ إِرَادَةَ أَمْرٍ لَا إِرَادَةَ خَلْقٍ، فَإِنْ أَعَانَ عَلَيْهِ كَانَ قَدْ أَرَادَهُ خَلْقًا، وَكَانَ حِينَئِذٍ إِقَامَةُ الْحَدِّ مُرَادَةً شَرْعًا وَقَدَرًا، خَلْقًا وَأَمْرًا، قَدْ شَاءَهَا وَأَحَبَّهَا (?) .
وَإِنْ لَمْ يَقَعْ كَانَ مَا وَقَعَ مِنَ الْمَعْصِيَةِ قَدْ شَاءَهُ خَلْقًا وَلَمْ يُرِدْهُ وَلَمْ يُحِبَّهُ شَرْعًا.
وَيُذْكَرُ أَنَّ رَجُلًا سَرَقَ فَقَالَ لِعُمَرَ: سَرَقْتُ بِقَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ، فَقَالَ لَهُ: وَأَنَا (?) أَقْطَعُ يَدَكَ بِقَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ.
وَهَكَذَا يُقَالُ لِمَنْ تَعَدَّى حُدُودَ اللَّهِ وَأَعَانَ الْعِبَادَ عَلَى عُقُوبَتِهِ الشَّرْعِيَّةِ كَمَا يُعِينُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى جِهَادِ الْكُفَّارِ: إِنَّ الْجَمِيعَ (?) وَاقِعٌ بِقَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ لَكِنْ مَا أَمَرَ بِهِ يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ وَيُرِيدُهُ شَرْعًا وَدِينًا كَمَا شَاءَهُ خَلْقًا وَكَوْنًا بِخِلَافِ مَا نَهَى عَنْهُ.