يَصُدُّهُ عَمَّا لَمْ يَقَعْ بَعْدُ وَمَا لَمْ يَقَعْ لَمْ يُرِدْهُ اللَّهُ. وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ: لَيَسْرِقَنَّ هَذَا الْمَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَلَمْ يَسْرِقْهُ لَمْ يَحْنَثْ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ ; لِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَشَأْ سَرِقَتَهُ.

وَلَكِنَّ الْقَدَرِيَّةَ عِنْدَهُمُ الْإِرَادَةُ (?) لَا تَكُونُ إِلَّا بِمَعْنَى الْأَمْرِ فَيَزْعُمُونَ أَنَّ السَّرِقَةَ إِذَا كَانَتْ مُرَادَةً كَانَتْ مَأْمُورًا بِهَا.

وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ، وَعُلِمَ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِهِمْ، أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَأْمُرْ بِالسَّرِقَةِ. وَمَنْ قَالَ: إِنَّ مَا وَقَعَ مِنْهَا مُرَادٌ، يَقُولُ: إِنَّهُ مُرَادٌ غَيْرُ مَأْمُورٍ بِهِ، فَلَا يَقُولُ أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهِ إِلَّا كَافِرٌ. لَكِنَّ هَذَا قَدْ (?) يُقَالُ لِلْمُبَاحِيَّةِ الْمُحْتَجِّينَ (?) بِالْقَدَرِ عَلَى الْمَعَاصِي، فَإِنَّ مِنْهُمْ مَنْ لَا يَرَى أَنْ يُعَارِضَ الْإِنْسَانَ فِيمَا يَظُنُّهُ مُقَدَّرًا عَلَيْهِ (?) مِنَ الْمَعَاصِي، وَمِنْهُمْ مَنْ يَرَى أَنْ يُعَاوِنَهُ عَلَى ذَلِكَ مُعَاوَنَةً، لِمَا ظَنَّ أَنَّهُ مُرَادٌ، وَهَذَا الْفِعْلُ (?) - وَإِنْ كَانَ مُحَرَّمًا وَمَعْصِيَةً - فَهُمْ لَمْ يَصُدُّوا عَنْ مُرَادِ اللَّهِ. فَتَبَيَّنَ أَنَّ الصَّدَّ عَنْ مُرَادِ اللَّهِ لَيْسَ وَاقِعًا عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ.

الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يُقَالَ: قَدْ تَقَدَّمَ (?) أَنَّ تَنَاهِيَ النَّاسِ عَنِ الْمَعَاصِي، وَالْقَبَائِحِ، وَالظُّلْمِ، وَدَفْعِ الظَّالِمِ (?) ، وَأَخْذِ حَقِّ الْمَظْلُومِ مِنْهُ، وَرَدِّ احْتِجَاجِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015