فَلَا يَجُوزُ لَنَا أَنْ نُعِينَ عَلَى إِثْمٍ وَ [لَا] عُدْوَانٍ (?) ، كَمَا نَهَى (?) اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ. فَإِنْ كَانَ مَا قَبُحَ مِنْهُ قَبُحَ مِنَّا، فَيَلْزَمُ أَنْ يُجَوِّزُوا عَلَيْهِ إِذَا أَعَانَ عَلَى الْكَذِبِ أَنْ يَكْذِبَ، وَيَلْزَمُهُمُ (?) الْمَحْذُورُ.

فَإِنْ قَالُوا: إِنَّمَا أَعْطَاهُ الْقُدْرَةَ لِيُطِيعَ لَا لِيَعْصِيَ.

قِيلَ: إِذَا كَانَ عَالِمًا بِأَنَّهُ يَعْصِي كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ يُعْطِي (?) الرَّجُلَ سَيْفًا لِيُقَاتِلَ بِهِ الْكُفَّارَ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ يَقْتُلُ بِهِ نَبِيًّا، وَهَذَا لَا يَجُوزُ فِي حَقِّنَا، فَإِنَّ مَنْ فَعَلَ فِعْلًا لِغَرَضٍ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّ الْغَرَضَ (?) لَا يَحْصُلُ بِهِ كَانَ سَفِيهًا فِينَا، وَاللَّهُ تَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنْ ذَلِكَ. فَعُلِمَ أَنَّ حُكْمَهُ فِي أَفْعَالِهِ مُخَالِفٌ لِأَفْعَالِ عِبَادِهِ (?) ، وَإِنْ عَلَّلُوا ذَلِكَ بِعِلَّةٍ يُمْكِنُ اسْتِقَامَتُهَا. قِيلَ لَهُمْ: وَكَذَلِكَ مَا يَخْلُقُهُ فِي غَيْرِهِ لَهُ حِكْمَةٌ، كَمَا لِلْإِعَانَةِ عَلَيْهِ بِالْقُدْرَةِ حِكْمَةٌ.

الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنْ يُقَالَ: لَيْسَ كُلُّ مَا كَانَ قَادِرًا عَلَيْهِ وَهُوَ مُمْكِنٌ نَشُكُّ فِي وُقُوعِهِ، بَلْ نَحْنُ نَعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ أَشْيَاءَ مَعَ أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَيْهَا وَهِيَ مُمْكِنَةٌ. فَنَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَقْلِبُ الْبِحَارَ أَدْهَانًا، وَلَا الْجِبَالَ يَوَاقِيتَ، وَلَا يَمْسَخُ جَمِيعَ الْآدَمِيِّينَ (?) ثَعَالِبَ، وَلَا يَجْعَلُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ عُودَيْ رَيْحَانٍ، وَأَمْثَالُ هَذِهِ الْأُمُورِ الَّتِي لَا تُحْصَى. وَعِلْمُنَا بِأَنَّ اللَّهَ مُنَزَّهٌ عَنِ الْكَذِبِ وَأَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ - أَعْظَمُ مِنْ عِلْمِنَا بِهَذَا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015