إِحْدَاهُمَا: أَنَّ ذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ التَّسَلْسُلَ، فَإِنَّهُ إِذَا فَعَلَ (?) لِعِلَّةٍ، فَتِلْكَ الْعِلَّةُ أَيْضًا حَادِثَةٌ، فَتَفْتَقِرُ إِلَى عِلَّةٍ إِنْ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ حَادِثٍ عِلَّةٌ.
وَإِنْ عُقِلَ الْإِحْدَاثُ بِغَيْرِ عِلَّةٍ لَمْ يُحْتَجْ إِلَى إِثْبَاتِ عِلَّةٍ، فَهُمْ يَقُولُونَ: إِنْ أَمْكَنَ الْإِحْدَاثُ بِغَيْرِ عِلَّةٍ لَمْ يُحْتَجْ إِلَى عِلَّةٍ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَبَثًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وُجُودُ الْإِحْدَاثِ إِلَّا لِعِلَّةٍ، فَالْقَوْلُ فِي حُدُوثِ الْعِلَّةِ كَالْقَوْلِ فِي حُدُوثِ الْمَعْلُولِ، وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ التَّسَلْسُلَ.
الْحُجَّةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّهُمْ قَالُوا: مَنْ فَعَلَ لِعِلَّةٍ كَانَ مُسْتَكْمَلًا بِهَا ; لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ حُصُولُ الْعِلَّةِ أَوْلَى مِنْ عَدَمِهَا لَمْ تَكُنْ عِلَّةً، وَالْمُسْتَكْمَلُ بِغَيْرِهِ نَاقِصٌ بِنَفْسِهِ، وَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ عَلَى اللَّهِ.
وَأَوْرَدُوا عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِنَ الشِّيعَةِ حُجَّةً تَقْطَعُهُمْ عَلَى أُصُولِهِمْ، فَقَالُوا: الْعِلَّةُ الَّتِي فَعَلَ لِأَجْلِهَا إِنْ كَانَ وُجُودُهَا وَعَدَمُهَا بِالنِّسْبَةِ (?) إِلَيْهِ سَوَاءً امْتَنَعَ أَنْ تَكُونَ عِلَّةً، وَإِنْ كَانَ وُجُودُهَا أَوْلَى، فَإِنْ كَانَتْ مُنْفَصِلَةً عَنْهُ لَزِمَ أَنْ يُسْتَكْمَلَ بِغَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً بِهِ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ مَحَلًّا لِلْحَوَادِثِ.
وَأَمَّا الْمُجَوِّزُونَ لِلتَّعْلِيلِ، فَهُمْ مُتَنَازِعُونَ، فَالْمُعْتَزِلَةُ وَأَتْبَاعُهُمْ مِنَ الشِّيعَةِ تُثْبِتُ مِنَ التَّعْلِيلِ مَا لَا يُعْقَلُ، وَهُوَ أَنَّهُ فَعَلَ لِعِلَّةٍ مُنْفَصِلَةٍ عَنِ الْفَاعِلِ مَعَ كَوْنِ وُجُودِهَا وَعَدَمِهَا [بِالنِّسْبَةِ] (?) إِلَيْهِ سَوَاءً.
وَأَمَّا أَهْلُ السُّنَّةِ الْقَائِلُونَ بِالتَّعْلِيلِ، فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ