لِرَبِّهِ وَاسْتِعَاذَتُهُ بِهِ سَبَبًا لِنَيْلِ الْمَطْلُوبِ وَدَفْعِ الْمَرْهُوبِ، كَالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الَّتِي أُمِرُوا بِهَا، فَهُمْ إِذَا اسْتَعَاذُوا بِاللَّهِ (?) مِنَ الشَّيْطَانِ، كَانَ نَفْسُ اسْتِعَاذَتِهِمْ بِهِ سَبَبًا (?) لِأَنْ يُعِيذَهُمْ مِنَ الشَّيْطَانِ. وَقَدْ يُوجَدُ فِي بَعْضِ (?) الْمَخْلُوقِينَ مِنَ الظَّلَمَةِ الْقَادِرِينَ (?) مَنْ يَأْمُرُ بِضَرَرِ (?) غَيْرِهِ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا، فَإِذَا اسْتَجَارَ بِهِ مُسْتَجِيرٌ وَذَلَّ لَهُ؛ دَفَعَ عَنْهُ ذَلِكَ الظَّالِمُ الَّذِي أَمَرَهُ هُوَ بِظُلْمِهِ. وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى، وَهُوَ الْمُنَزَّهُ عَنِ الظُّلْمِ، وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، [وَهُوَ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ] (?) مِنَ الْوَالِدَةِ بِوَلَدِهَا، فَكَيْفَ يَمْتَنِعُ أَنْ يُسْتَعَاذَ بِهِ مِنْ شَرِّ أَسْبَابِ الشَّرِّ الَّتِي قَضَاهَا بِحِكْمَتِهِ؟

الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنْ يُقَالَ: هَذَا الِاعْتِرَاضُ بَاطِلٌ عَلَى طَرِيقَةِ الطَّائِفَتَيْنِ. أَمَّا مَنْ لَا يَقُولُ بِالْحِكْمَةِ وَالْعِلَّةِ، فَإِنَّهُ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ إِبْلِيسَ الضَّارَّ لِعِبَادِهِ، وَجَعَلَ اسْتِعَاذَةَ الْعِبَادِ (?) بِهِ مِنْهُ طَرِيقًا إِلَى دَفْعِ ضَرَرِهِ، كَمَا جَعَلَ إِطْفَاءَ النَّارِ طَرِيقًا إِلَى دَفْعِ حَرِيقِهَا، وَكَمَا جَعَلَ التِّرْيَاقَ طَرِيقًا إِلَى دَفْعِ ضَرَرِ السُّمِّ. وَهُوَ سُبْحَانَهُ خَلَقَ النَّافِعَ وَالضَّارَّ (?) ، وَأَمَرَ الْعِبَادَ أَنْ يَسْتَعْمِلُوا مَا يَنْفَعُهُمْ، وَيَدْفَعُوا بِهِ مَا يَضُرُّهُمْ. ثُمَّ إِنْ أَعَانَهُمْ عَلَى فِعْلِ مَا أَمَرَهُمْ بِهِ كَانَ مُحْسِنًا إِلَيْهِمْ، وَإِلَّا فَلَهُ أَنْ يَفْعَلَ مَا يَشَاءُ، وَيَحْكُمَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015