الثَّانِي: أَنْ يُقَالَ إِنَّمَا تَحْسُنُ الِاسْتِعَاذَةُ بِإِبْلِيسَ لَوْ كَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ يُعِيذَهُمْ مِنَ اللَّهِ، سَوَاءٌ كَانَ اللَّهُ خَالِقًا لِأَفْعَالِ الْعِبَادِ أَوْ لَمْ يَكُنْ. وَهَؤُلَاءِ الْقَدَرِيَّةُ، كَالْمُصَنِّفِ وَأَمْثَالِهِ هُمْ (?) مَعَ قَوْلِهِمْ: إِنَّ إِبْلِيسَ يَفْعَلُ مَا لَا يُقَدِّرُهُ اللَّهُ (?) ، وَيَفْعَلُ بِدُونِ مَشِيئَةِ اللَّهِ وَيَكُونُ فِي مُلْكِ اللَّهِ مَا لَا يَشَاؤُهُ (?) ، وَإِنَّ اللَّهَ لَا يَقْدِرُ (* عَلَى أَنْ يُحَرِّكَ إِبْلِيسَ وَلَا غَيْرَهُ مِنَ الْأَحْيَاءِ، وَلَا يَنْقُلَهُمْ مِنْ عَمَلٍ إِلَى عَمَلٍ: لَا مِنْ خَيْرٍ إِلَى شَرٍّ، وَلَا مِنْ شَرٍّ إِلَى خَيْرٍ، فَهُمْ مُسَلِّمُونَ (?) مَعَ هَذَا *) (?) الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ وَالتَّسْلِيطِ الَّذِي أَثْبَتُوهُ لِإِبْلِيسَ (?) مِنْ دُونِ اللَّهِ - أَنَّ إِبْلِيسَ لَا يَقْدِرُ أَنْ يُجِيرَ (?) عَلَى اللَّهِ، وَلَا يُعِيذَ أَحَدًا مِنْهُ، فَامْتَنَعَ عَلَى هَذَا أَنْ يُسْتَعَاذَ بِهِ، وَلَوْ قَدَرَ - وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ - مَا أَلْزَمُوهُ مِنْ كَوْنِ غَيْرِ إِبْلِيسَ شَرًّا مِنْهُ عَلَى الْخَلْقِ لَكِنَّهُ مَعَ هَذَا عَاجِزٌ عَنْ دَفْعِ (?) قَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ، فَكَانَ الْمُسْتَعِيذُ بِهِ، بَلْ بِسَائِرِ الْمَخْلُوقِينَ مَخْذُولًا.

كَمَا قَالَ تَعَالَى: {لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا} [سُورَةُ الْإِسْرَاءِ: 22] وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ - سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ} [سُورَةُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015