وَالْقُبْحِ الْعَقْلِيَّيْنِ أَنَّهَا لَيْسَتْ صِفَةً ثُبُوتِيَّةً لِلْأَفْعَالِ وَلَا مُسْتَلْزِمَةً صِفَةً ثُبُوتِيَّةً لِلْأَفْعَالِ، بَلْ هِيَ مِنَ الصِّفَاتِ النِّسْبِيَّةِ الْإِضَافِيَّةِ، فَالْحُسْنُ هُوَ الْمَقُولُ فِيهِ: افْعَلْهُ أَوْ لَا بَأْسَ بِفِعْلِهِ، وَالْقَبِيحُ هُوَ الْمَقُولُ فِيهِ: لَا تَفْعَلْهُ (?) .
قَالُوا: وَلَيْسَ لِمُتَعَلِّقِ الْقَوْلِ مِنَ الْقَوْلِ صِفَةٌ ثُبُوتِيَّةٌ، وَذَكَرُوا عَنْ مُنَازِعِيهِمْ أَنَّهُمْ قَالُوا: الْأَحْكَامُ صِفَاتٌ ذَاتِيَّةٌ (?) لِلْأَفْعَالِ، وَنَقَضُوا ذَلِكَ بِجَوَازِ تَبَدُّلِ أَحْكَامِ الْفِعْلِ مَعَ كَوْنِ الْجِنْسِ (?) وَاحِدًا.
وَتَحْقِيقُ الْأَمْرِ أَنَّ الْأَحْكَامَ لِلْأَفْعَالِ لَيْسَتْ مِنَ الصِّفَاتِ اللَّازِمَةِ، بَلْ [هِيَ] (?) مِنَ الْعَارِضَةِ لِلْأَفْعَالِ بِحَسَبِ مُلَاءَمَتِهَا وَمُنَافَرَتِهَا، فَالْحُسْنُ وَالْقُبْحُ بِمَعْنَى كَوْنِ الشَّيْءِ مَحْبُوبًا وَمَكْرُوهًا وَنَافِعًا وَضَارًّا، وَمُلَائِمًا وَمُنَافِرًا. وَهَذِهِ صِفَةٌ ثُبُوتِيَّةٌ لِلْمَوْصُوفِ، لَكِنَّهَا تَتَنَوَّعُ بِتَنَوُّعِ أَحْوَالِهِ فَلَيْسَتْ لَازِمَةً لَهُ.
وَمَنْ قَالَ: إِنَّ الْأَفْعَالَ لَيْسَ فِيهَا صِفَاتٌ تَقْتَضِي الْحُسْنَ وَالْقُبْحَ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ: لَيْسَ فِي الْأَجْسَامِ صِفَاتٌ تَقْتَضِي التَّسْخِينَ وَالتَّبْرِيدَ وَالْإِشْبَاعَ وَالْإِرْوَاءَ، فَسَلْبُ صِفَاتِ الْأَعْيَانِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْآثَارِ، كَسَلْبِ صِفَاتِ الْأَفْعَالِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْآثَارِ.
وَأَمَّا جُمْهُورُ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ يُثْبِتُونَ طَبَائِعَ الْأَعْيَانِ وَصِفَاتِهَا، فَهَكَذَا (?) ، يُثْبِتُونَ مَا فِي الْأَفْعَالِ مِنْ حُسْنٍ وَقُبْحٍ بِاعْتِبَارِ مُلَاءَمَتِهَا وَمُنَافَرَتِهَا، كَمَا