الْجَوَابُ [مِنْ وُجُوهٍ: الْأَوَّلُ] : أَنَّ هَذَا (?) مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الطَّاعَةَ: هَلْ هِيَ مُوَافَقَةُ الْأَمْرِ؟ أَوْ مُوَافَقَةُ الْإِرَادَةِ؟ وَهِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ هَلْ يَسْتَلْزِمُ الْإِرَادَةَ أَمْ لَا؟ وَأَنَّ نَفْسَ الطَّلَبِ وَالِاسْتِدْعَاءِ هَلْ هُوَ الْإِرَادَةُ أَوْ مُسْتَلْزِمٌ لِلْإِرَادَةِ أَوْ لَيْسَ وَاحِدًا مِنْهُمَا؟
وَمِنَ الْمَعْلُومِ (?) أَنَّ كَثِيرًا مِنْ نُظَّارِ أَهْلِ الْإِثْبَاتِ (?) لِلْقَدَرِ يُطْلِقُونَ الْقَوْلَ بِأَنَّ الطَّاعَةَ مُوَافَقَةُ الْأَمْرِ لَا مُوَافَقَةُ الْإِرَادَةِ، وَأَنَّ الْأَمْرَ لَا يَسْتَلْزِمُ الْإِرَادَةَ، وَالْكَلَامُ فِي ذَلِكَ مَشْهُورٌ. وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَهَذَا الْقَدَرِيُّ لَمْ يُبَيِّنْ صِحَّةَ قَوْلِهِ وَلَا فَسَادَ قَوْلِ مُنَازِعِيهِ، بَلْ أَخَذَ ذَلِكَ دَعْوَى مُجَرَّدَةً بِنَاءً عَلَى أَنَّ الطَّاعَةَ مُوَافَقَةُ الْإِرَادَةِ، فَإِذَا قَالَ لَهُ مُنَازِعُوهُ: لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ، كَفَى فِي هَذَا الْمَقَامِ لِعَدَمِ الدَّلِيلِ.
الثَّانِي: أَنَّهُمْ يَسْتَدِلُّونَ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ لَا يَسْتَلْزِمُ الْإِرَادَةَ بِمَا تَقَدَّمَ (?) مِنْ أَنَّ اللَّهَ خَالِقُ أَفْعَالِ الْعِبَادِ، وَإِنَّمَا يَخْلُقُهَا بِإِرَادَتِهِ، وَهُوَ لَمْ يَأْمُرْ بِالْكُفْرِ (?) وَالْفُسُوقِ وَالْعِصْيَانِ، فَعُلِمَ بِأَنَّهُ قَدْ (?) يَخْلُقُ بِإِرَادَتِهِ مَا لَمْ يَأْمُرْ بِهِ.
وَأَيْضًا فَقَدْ ثَبَتَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ (?) وَإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ (?) حَقَّهُ فِي غَدٍ (?) إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، فَخَرَجَ الْغَدُ وَلَمْ يَقْضِهِ، مَعَ