مِنْ طَوَائِفِ الْمُسْلِمِينَ مَعْرُوفَةٌ، وَإِنَّمَا كَثُرُوا فِي الْمُتَأَخِّرِينَ، وَسَمَّوْا هَذَا حَقِيقَةً، وَجَعَلُوا الْحَقِيقَةَ تُعَارِضُ الشَّرِيعَةَ، وَلَمْ يُمَيِّزُوا بَيْنَ الْحَقِيقَةِ الدِّينِيَّةِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي تَتَضَمَّنُ تَحْقِيقَ أَحْوَالِ الْقُلُوبِ كَالْإِخْلَاصِ وَالصَّبْرِ وَالشُّكْرِ وَالتَّوَكُّلِ وَالْمَحَبَّةِ لِلَّهِ، وَبَيْنَ الْحَقِيقَةِ الْكَوْنِيَّةِ الْقَدَرِيَّةِ الَّتِي يُؤْمَنُ بِهَا وَلَا يُحْتَجُّ بِهَا عَلَى الْمَعَاصِي لَكِنْ يُسَلَّمُ إِلَيْهَا عِنْدَ الْمَصَائِبِ.

فَالْعَارِفُ يَشْهَدُ الْقَدَرَ فِي الْمَصَائِبِ فَيَرْضَى وَيُسَلِّمُ وَيَسْتَغْفِرُ وَيَتُوبُ مِنَ الذُّنُوبِ وَالْمَعَايِبِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} [سُورَةُ غَافِرٍ: 55] ، فَالْعَبْدُ مَأْمُورٌ بِأَنْ يَصْبِرَ عَلَى الْمَصَائِبِ وَيَسْتَغْفِرَ مِنَ الْمَعَايِبِ.

[حَدِيثُ احْتِجَاجِ آدَمَ وَمُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلَامُ]

وَمِنْ هَذَا الْبَابِ حَدِيثُ احْتِجَاجِ آدَمَ وَمُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، قَدْ أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَرُوِيَ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " «احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى» " وَفِي لَفْظٍ «أَنَّ مُوسَى قَالَ: " يَا رَبِّ أَرِنِي (?) آدَمَ الَّذِي أَخْرَجَنَا مِنَ الْجَنَّةِ بِخَطِيئَتِهِ، فَقَالَ مُوسَى: يَا آدَمُ (?) أَنْتَ أَبُو الْبَشَرِ خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وَأَسْجَدَ لَكَ مَلَائِكَتَهُ، لِمَاذَا أَخْرَجْتَنَا وَنَفْسَكَ مِنَ الْجَنَّةِ؟ فَقَالَ لَهُ آدَمُ (?) : أَنْتَ مُوسَى الَّذِي اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِكَلَامِهِ، وَكَتَبَ لَكَ التَّوْرَاةَ بِيَدِهِ، فَبِكَمْ تَجِدُ فِيهَا مَكْتُوبًا: " {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} " قَبْلَ أَنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015