فَإِنْ كَانَ مِنَ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ فَهُوَ يُقِرُّ بِأَنَّ كُلَّ ظَالِمٍ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ (?) قَدْ خُلِقَتْ إِرَادَتُهُ لِلظُّلْمِ فَظَلَمَهُ (?) ، وَهُوَ لَا يَعْذُرُ الظَّالِمَ فِي ذَلِكَ. فَيُقَالُ لَهُ: أَنْتَ مُقِرٌّ بِأَنَّ مِثْلَ هَذَا لَيْسَ بِحُجَّةٍ (?) لِمَنْ خَالَفَ مَا أُمِرَ بِهِ كَائِنًا مَا كَانَ، فَلَا يَسُوغُ لَكَ الِاحْتِجَاجُ بِهِ وَإِنْ كَانَ (?) مُنْكِرًا لِلْقَدَرِ امْتَنَعَ أَنْ يَحْتَجَّ بِهَذَا، فَثَبَتَ أَنَّ الِاحْتِجَاجَ بِالْقَدَرِ لِإِفْحَامِ الرُّسُلِ لَا يَسُوغُ (?) لَا (?) عَلَى قَوْلِ هَؤُلَاءِ وَلَا عَلَى قَوْلِ هَؤُلَاءِ.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: الْمُدَّعِي لَيْسَ لَهُ مَذْهَبٌ يَعْتَقِدُهُ بَلْ هُوَ سَاذَجٌ.
قِيلَ لَهُ: هَبْ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ، فَفِي نَفْسِ الْأَمْرِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ (الْحَقُّ) (?) قَوْلَ هَؤُلَاءِ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ قَوْلَ هَؤُلَاءِ، وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَالِاحْتِجَاجُ بِالْقَدَرِ بَاطِلٌ. فَثَبَتَ بُطْلَانُ الِاحْتِجَاجِ بِهِ بِاتِّفَاقِ الطَّائِفَتَيْنِ: الْمُثْبِتَةِ وَالنُّفَاةِ.
الْوَجْهُ التَّاسِعُ: أَنْ يُقَالَ مَقْصُودُ الرِّسَالَةِ هُوَ الْإِخْبَارُ بِالْعَذَابِ لِمَنْ كَذَّبَ وَعَصَى، كَمَا قَالَ مُوسَى وَهَارُونُ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ لِفِرْعَوْنَ: {إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى} [سُورَةُ طه: 48] .
وَحِينَئِذٍ فَإِذَا قَالَ: هُوَ خُلِقَ فِي الْكُفْرِ وَلَمْ يُخْلَقْ فِي إِرَادَةِ الْإِيمَانِ.