وَقَدْ بَيَّنَّا (?) أَنَّ مَنْ جَعَلَ الْقُدْرَةَ نَوْعًا وَاحِدًا: إِمَّا مُقَارِنًا لِلْفِعْلِ (?) ، وَإِمَّا سَابِقًا عَلَيْهِ، فَقَدْ (?) أَخْطَأَ. هَذَا إِذَا عُنِيَ بِأَحَدِ النَّوْعَيْنِ مَجْمُوعُ مَا يَسْتَلْزِمُ الْفِعْلَ، كَمَا هُوَ اصْطِلَاحُ كَثِيرٍ مِنَ النُّظَّارِ. وَأَمَّا إِذَا لَمْ يَرِدْ بِالْقُدْرَةِ إِلَّا الْمُصَحِّحَ فَهِيَ نَوْعٌ وَاحِدٌ.
فَإِنَّ لِلنَّاسِ فِي الْقُدْرَةِ: هَلْ هِيَ مَعَ الْفِعْلِ أَوْ قَبْلَهُ؟ عِدَّةَ أَقْوَالٍ (?) : أَحَدُهَا: أَنَّهَا لَا تَكُونُ إِلَّا مَعَ الْفِعْلِ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا الْمُسْتَلْزِمَةُ لِلْفِعْلِ، وَتِلْكَ لَا تَكُونُ إِلَّا مَعَهُ، وَقَدْ يَبْنُونَهُ عَلَى (?) أَنَّ الْقُدْرَةَ عَرْضٌ، وَالْعَرْضُ لَا يَبْقَى زَمَانَيْنِ.
وَالثَّانِي: [أَنَّهَا] (?) لَا تَكُونُ إِلَّا قَبْلَهُ، بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا الْمُصَحِّحَةُ فَقَطْ، وَأَنَّهَا لَا تَكُونُ مُقَارِنَةً.
الثَّالِثُ: أَنَّهَا تَكُونُ قَبْلَهُ وَمَعَهُ، وَهَذَا أَصَحُّ الْأَقْوَالِ.
ثُمَّ مِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يَقُولُ: الْقُدْرَةُ نَوْعَانِ: مُصَحِّحَةٌ، وَمُسْتَلْزِمَةٌ. فَالْمُصَحِّحَةُ قَبْلَهُ وَالْمُسْتَلْزِمَةُ مَعَهُ.
وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: بَلِ الْقُدْرَةُ هِيَ الْمُصَحِّحَةُ فَقَطْ، وَهِيَ تَكُونُ مَعَهُ وَقَبْلَهُ. وَأَمَّا الِاسْتِلْزَامُ فَإِنَّمَا يَحْصُلُ بِوُجُودِ الْإِرَادَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ لَا بِنَفْسِ (?)